ما5تفي تحاور الدكتور السموني حول دور مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج

في حوار مع الدكتور خالد الشرقاوي السموني ، أستاذ بكلية الحقوق بالرباط و بالمعهد العالي للإعلام والاتصال ، أشار الى العناية الملكية لمغاربة العالم و الى الأدوار المهمة التي يقوم بها مجلس الجالية المغربية بالخارج والاشكالات المتعلقة بالمشاركة السياسية لمغاربة الخارج . وهذا نص الحوار:
سؤال 1 : شكلت قضايا الجالية المغربية في الخارج أولوية لدى جلالة الملك محمد السادس، كيف تفسرون ذلك ؟
جواب : شكلت قضايا الجالية المغربية في الخارج أولوية لدى جلالة الملك محمد السادس، تكرس ذلك في عدة خطب ملكية نذكر من بينها الخطاب الملكي الأخير ليوم 20 غشت 2022 بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب إلى أن المغرب يحتاج اليوم، لكل أبنائه، ولكل الكفاءات والخبرات المقيمة بالخارج، سواء بالعمل والاستقرار بالمغرب، أو عبر مختلف أنواع الشراكة، والمساهمة انطلاقا من بلدان الإقامة ، و التشديد على ضرورة إقامة علاقة هيكلية دائمة، مع الكفاءات المغربية بالخارج، بما في ذلك المغاربة اليهود ، وإحداث آلية خاصة، مهمتها مواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، ودعم مبادراتها ومشاريعها ، و دعوة للشباب وحاملي المشاريع المغاربة، المقيمين بالخارج، للاستفادة من فرص الاستثمار الكثيرة بأرض الوطن، ومن التحفيزات والضمانات التي يمنحها ميثاق الاستثمار الجديد ، و مطالبة المؤسسات العمومية، وقطاع المال والأعمال الوطني بالانفتاح على المستثمرين من أبناء الجالية؛ وذلك باعتماد آليات فعالة من الاحتضان والمواكبة والشراكة، بما يعود بالنفع على الجميع ، وتحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بهذه الفئة مع إعادة النظر في نموذج الحكامة، الخاص بالمؤسسات الموجودة، قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها.
وقد توج أيضا اهتمام جلالة الملك برعاياه المقيمين بالخارج وحرصه على العناية الموصولة بهم بتخصيص جزء هام من فصول دستور 2011 لهذه الفئة، خاصة حقهم في المواطنة الكاملة ، ومشاركتهم في المؤسسات الاستشارية، وهيئات الحكامة. فقد حرص جلالة الملك على تكريس حماية حقوق الجالية سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي.
ففي عهده أصبح للمغاربة المقيمين بالخارج الحق في المواطنة الكاملة ، كما أصبح بإمكانهم المشاركة في الأوراش التنموية ببلدهم بالموازاة مع بلد الاستقبال، وتقديم خبراتهم خدمة لصالح المغرب، والمساهمة في تقوية علاقات التعاون بين دول الإقامة والمملكة المغربية، وجلب الاستثمارات وإنجاح الأوراش التي تشهدها بلادنا.
سؤال 2 : في سنة 2007 قرر العاهل المغربي إحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج، كيف تقيمون تجربة هذا المجلس ؟ وما هي أهميته بجانب مؤسسات أخرى تهتم بقضايا الجالية مثل مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج ؟
جواب: تم إحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج بمقتضى ظهير شريف صادر بتاريخ 21 ديسمبر 2007 استجابة لما حققه المغاربة المقيمين بالخارج من نجاح مهني وكفاءة علمية، وتفوق في مجال الفنون والثقافة، وكذلك في العمل السياسي في بلدان الاستقبال، وعملهم المستميت في الدفاع عن مصالح المغرب في الخارج ؛ كما أن أنهم أصبحوا يشكلون كتلة لإنتاج قيم الثقافة المغربية والتقدم الحضاري والتنمية، ما سيجعل من تمثيليتهم داخل مجلس الجالية فرصة مواتية لإدماج هذه القوة الجديدة في دينامية المغرب الجديد الذي يبحث لإشراك مواطنيه في مقاربة تشاركية ، من جهة ، و النهوض بحقوقهم من جهة أخرى .
هذه المؤسسة التي ستحظى بأهمية ومكانة متميزة ضمن المؤسسات الدستورية التي نص عليها الدستور الجديد للمملكة لسنة 2011 ، و لاسيما الفصـل 163 منه الذي حدد دورها الأساسي في إبداء الآراء حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم، وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه.
وجدير بالإشارة إلى أن إحداث مجلس للجالية المغربية بالخارج شكل مرحلة جديدة من أجل رد الاعتبار لمغاربة العالم كمواطنين كاملي المواطنة ، حيث ما فتئ يولي العاهل المغربي عناية خاصة للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج ويسهر على ضمان حقوقهم و مواطنتهم الكاملة، وإشراكهم في المؤسسات الوطنية وفي وضع النموذج التنموي الجديد.
و قد لاحظنا أن مجلس الجالية، كهيئة استشارية ، يساهم بشكل مستمر في متابعة وتقييم السياسات العمومية المتعلقة بالهجرة وقضايا المغاربة المقيمين بالخارج سواء تعلق الأمر بضمان حقوقهم أو مشاركتهم في التنمية بكل أشكالها وأبعادها في وطنهم المغرب. كما قدم مجموعة من الآراء حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم.
كما ندرك التجربة الغنية التي راكمها هذا المجلس ، كقوة اقتراحية واستشارية ، في الدفاع عن حقوق المغاربة بالخارج ، على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي وحتى الإنساني ، والأمثلة كثيرة في هذا الصدد ، نذكر مثلا متابعته عن قرب وضعية مغاربة العالم ومختلف الإشكاليات التي يواجهونها من أجل التمكن من بلورة مقترحات حلول ذات طابع اجتماعي وإداري واقتصادي وديني، و الدراسات المتعددة حول الهجرة المغربية ،والأمن الروحي للمغاربة بالمهجر ، و تعزيز الهوية الثقافية المغربية لهؤلاء ، وتنفيذ البرامج الاجتماعية والثقافية والدينية التي تهدف إلى تقوية روابط الأجيال الجديدة مع وطنهم الأم، وتعزيز مقوماتهم الوطنية وإيجاد الآليات المناسبة لإدماجهم في الاستثمار الوطني .
و من أجل تعزيز هذه الجهود التي يبذلها مجلس الجالية المغربية بالخارج ، يجب تقوية اختصاصات هذه المؤسسة التي أظهرت دينامية وفعالية ، مع توفير لها الإمكانات اللازمة حتى تنهض بدورها الدستوري على أحسن وجه .
سؤال 3: تطالب بعض الأصوات من المغاربة المقيمين بالخارج بضمان حق المشاركة السياسية للمغاربة المقيمين بالخارج ، وهناك من يذهب الى أبعد من ذلك و يطالب بتحديد» كوطا « في البرلمان لهذه الفئة ؟ ما رأيكم بشأن هذه المطالب ؟
فيما يتعلق بالمشاركة السياسية ، فهي مضمونة بمقتضى الدستور المغربي ، و من حق أفراد الجالية أن يكونوا ممثلين في المؤسسات التمثيلية سواء مجلسي البرلمان أو مجالس الجماعات الترابية أو الغرف المهنية.
و نشير في هذا الصدد، إلى أن هناك بعض الإشكالات المتعلقة بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية ، لأن القانون يقتضي أن جميع العمليات المرتبطة بالترشيح و الحملة الانتخابية و التصويت وفرز الأصوات و المنازعات تتم على صعيد التراب الوطني.
لا يخفى أن هناك صعوبات قانونية وتقنية تحول دون تحقيق ذلك في الظروف الراهنة ، مرتبطة بمسألة التقطيع الانتخابي، ونسبة التمثيلية في كل دولة من دول الخارج من حيث عدد المغاربة المقيمين، ونمط الاقتراع، والجهة الموكول لها مراقبة الانتخابات خارج الوطن، وكذا الجهة القضائية التي لها الحق في البت في المنازعات الانتخابية، وكيفية تدبير الحق في استفادة الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات من وسائل الإعلام أثناء الدعاية الانتخابية، والهيئة التي ستراقب مدى احترام الحق في الاستفادة من وسائل الإعلام بطرق عادلة ومتكافئة.
لكن رغم ذلك ، ينبغي على المشرع التفكير مستقبلا في آليات قانونية جديدة لتسهيل المشاركة السياسية لأفراد الجالية ، وضمان لهم تمثيلية مناسبة و مشرفة في البرلمان ، على أن يكون الحملة الانتخابية والتصويت ببلد الإقامة ، حتى تكون مشاركة واسعة ومكثفة في العملية الانتخابية وكذلك تفادي تنقل عدد كبير من المغاربة بالخارج إلى المغرب للقيام بواجبهم الانتخابي.
أما بخصوص التمثيلية في البرلمان عن طريق الكوطا ، لا بد من التنصيص عليها بشكل صريح في الدستور، و هذا يحتاج إلى مراجعة دستورية في المستقبل.