أستاذ تونسي يُنهي حياته بعد حملة تنمر إلكتروني قاسية من تلامذته

أثارت حادثة انتحار أستاذ تونسي منتصف الأسبوع الجاري، بعد تعرضه لحملة تنمر واسعة من قِبل تلامذته، ردود فعل غاضبة واستنكارًا واسعًا في الأوساط التربوية والاجتماعية. هذه الواقعة سلطت الضوء مجددًا على مخاطر التنمر الإلكتروني وغياب الرقابة على تصرفات الناشئة.
بدأت القصة، وفقًا لمصادر إعلامية تونسية، بمناوشة بين الأستاذ وعدد من تلامذته أمام إحدى المؤسسات التعليمية في ولاية المهدية. حيث أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة التلاميذ وهم يلاحقون الأستاذ في الشارع، مضايقين إياه ومهينين عائلته، مما دفعه إلى رد فعل غير محسوب برمي أحدهم بالحجارة. بينما قام الآخرون بتصوير الواقعة ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي بعناوين ساخرة مثل “آخر ما صدر: أستاذ يركض وراء تلميذ بالحجارة”.
غير أن الفيديو أثار موجة من الانتقادات ضد الأستاذ، الذي أصبح ضحية لهذه الحملة، مما أدى إلى تقديم والدة أحد التلاميذ شكوى ضده، متهمة إياه بالاعتداء على ابنها، مما دفع السلطات لاستدعائه للتحقيق.
كانت التداعيات النفسية لهذه الحملة قاسية على الأستاذ، الذي كان يعاني من ضغوطات إضافية نتيجة شكاوى سابقة، مما أدى إلى تفاقم حالته النفسية. ودفعه ذلك في النهاية لإضرام النار في جسده باستخدام البنزين، لينهي حياته بطريقة مأساوية.
وأكد الناطق باسم محاكم المهدية أن التنمر الذي تعرض له الأستاذ كان له تأثير كبير على قراره، مشيرًا إلى أن النيابة العامة فتحت تحقيقًا للكشف عن المسؤوليات ومحاسبة المتورطين. وينص القانون على عقوبات تشمل السجن لمدة سنتين للبالغين وخمس سنوات للقاصرين الذين تجاوزوا 13 عامًا في حالات التنمر الإلكتروني.
أثارت الحادثة موجة من الغضب بين المدرسين الذين اعتبروا ما حدث “انهيارًا للمنظومة التربوية”. ودعوا إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة ظاهرة التنمر المتنامية داخل المؤسسات التعليمية، حيث نظموا إضرابًا جزئيًا كصيحة فزع أمام تصاعد استهداف المدرسين.
كما عبّر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن صدمتهم وحزنهم، حيث اعتبر بعضهم الحادثة تجسيدًا لفشل المنظومة التربوية والمجتمع في حماية المعلمين، في حين رأى آخرون أنها تعبير عن تدهور القيم بين الأجيال الصاعدة.
تحولت حادثة انتحار الأستاذ فاضل الجلولي، الذي كان قريبًا من التقاعد، إلى رمز لحالة الانهيار التي تعيشها المنظومة التعليمية في تونس، وسط دعوات لمعالجة جذرية لهذه الظواهر التي تؤثر سلبًا على القيم المجتمعية والتعليمية.