اللقاء الثالث:مع شيخ الاحتفالية الدكتور عبد الكريم برشيد

أعتز أنني عايشت تجربة عصر ذهبي، بالإبداع والتنظير والجدل والنقد، أعطى تجارب كبرى وحساسيات كبيرة، وإبداعات مختلفة، وأسماء لها وزنها قادت المرحلة ومازال الأثر والمنجز شاهدا، وضمن هؤلاء الكبار، الأستاذ عبد الكريم بر شيد، مؤلفا وصاحب نظرية في المسرح (المسرح الاحتفالي) تقاطعنا معها واعتبرناها ونعتبرها مدرستنا التي قربتنا من الأسئلة الداخلية للإبداع، مؤخرا تتبعت كتابات الرجل الاسترجاعية والتذكيرية وكأنها دروس دعم تقول لنا عودوا إلى مقاعدكم، ولا تهجروا الدرس المسرحي، وتعالوا نتحاور من جديد مع نظرية تنادي دائما بالمسرح المتجدد، الذي يعب في كل مرحلة ليولد الأسئلة والقلق المعرفي نحو بناء المعنى وتجديد الإيمان، هذه الدروس الاسترجاعية تتبعتها عبر الفيس بوك إذ يطل عيلنا د.عبد الكريم برشيد كل ثلاث أيام بورقة أتابعها شخصيا وحركت لدي السؤال الآن والهنا أيننا من جدل الأمس وإبداعه، هل طوينا الصفحة قبل أم نقرأها جيدا، هل دخلنا لمرحلة مع قطع ابستيمولوجي مع المراحل القبلية، سيما وأصبحت المرحلة الآن تنعث بما بعد الدراما، وما بعد المسرح، هنا وجدت لزاما أن نجلس أرضا ونستمع لشيخ الاحتفالية، يجدد لنا العلاقة مع الزاوية الاحتفالية، وبالمناسبة تواصلت مع الرجل وأخدت إدنه في هذا التواصل وأعلن لنا حبه وإدنه.


نحو ثقافة احتفالية جديدة: عبد الكريم برشيد
ان الإنسانية ليست مجرد جنس حيواني ناطق، ولكنها اساسا ثقافة، وأنها درجة عالية وسامية في هذه الثقافة، وانها اساسا عقل و عقلانبة، وذلك باعتبار ان هذا الإنسان هو كائن ثقافي عاقل، وان تاريخه هو تاريخ ثقافي، ولهذا فقد فسر الإنسان في البدء كل شيء تفسيرا اسطوريا، ثم فسره بعد ذلك تفسيرا دينيا، ثم فسره تفسيرا فلسفيا، ثم فسره تفسيرا علميا، ولعل هذا هو ما يفسر اصرار الاحتفاليبن على ان يقرأوا ظواهر الوجود و الموجودات قراءة فكرية وقراءة علمية وقراءة جمالية وقراءة أخلاقية، وذلك بحثا عن إنسانية هذه الإنسان الحقيقية و بحثا عن حياته وعن حيويته، وبحثا عن تطوره المدني والحضاري
وهناك من اعتبر أن إنسانية الإنسان، كما اكد عليها الفكر الاحتفالي والفن الاحتفالي، هي مجرد تحصيل حاصل، وان هذا الإنسان انسان كامل الإنسانية منذ بدء الخليقة الى اليوم والى ما بعد اليوم، وانه بذلك لا يحتاج الى فكر مفكرين ولا يحتاج إلى ابداع مبدعين، ولا يحتاج إلى اكتشافات مكتشفين، ولا يحتاج إلى اختراعات مخترعين، ولا يحتاج إلى انبياء ولا إلى مرسلين، ولا إلى مصلحين عباقرة، ولا إلى شعراء وزعماء، مع العام ان كل تاريخ الإنسان ما هو إلا تاريخ الارتقاء بالانسان الى درجة الإنسانية الحقيقية، وانه تاريخ المدينة في بحثها عن المدينة الفاضلة، وانه تاريخ الإنسان في بحثه عن الإنسانية في اسمى واعلى وأصدق درجاتها..
ولعل اجمل شيء بالنسبة للاحتفالي، هو أن يكون أولا، وأن تكون كينونته راقية وعالية، وان لا يكون مجرد رقم زأئد في عالم الأرقام، وإن يكون كما اراد ان يكون هو، وليس كما اريد له ان يكون، وان يعيش في الطبيعة بمنطق التصدي و التحدي الفكري، وان يحيا حياة إنسانية حقيقية صادقة، فيها حياة وفيها حيوية، وفيها تمدن اخلاقي وحضاري، وان يحرص على ألا يكون مجرد شيء من الأشياء او مجرد الة من الآلات او مجرد صورة من الصور المتحركة في المشاهد المتحركة، وأن يكون إنسانا حقيقيا في مجتمع إنساني حقيقي، وان يعرف ان الإنسانية درجة عليا في الوجود، وانها ليست مجرد عنوان كاذب وخادع، وان يعيش في وطن مدني، وان يكون في هذا الوطن مواطنا مدنيا كامل المواطنة، و ألا يعيش يتيما ولا غريبا ولا سجينا ولا منفيا ولا مبعدا ولا مشردا في (وطنه) وان يحمل اسما من الأسماء، وان يكون لهذا الاسم معناه، وان تحمل الأنثى اسم فرح او شادية او نعيمة، وان يحمل الذكر اسم العيد او اسم سعيد، وان لا يكون مجرد رقم من الأرقام في السجلات الإدارية، وأن يكون حرا بين الأحرار ، وليس عبدا بين العبيد، ولا سجينا بين السجناء، وهذا هو ما عبرت عنه البيانات الاحتفالية في تعريفها للمسرح، والذي هو
( التعبير الحر للانسان الحر في المجتمع الحر)
وأن يكون هو هو، في حياته وفي حياة فكره، وانه وعلمه وليس غيره، وأن يكون شخصا فاعلا و متفاعلا و منفعلا و مختلفا ومخالفا ومتحركا و مجددا و متجددا، وأن يكون في المجتمع إضافة نوعية، وليس مجرد إضافة كمية و عددية، وأن يكون قريبا من الناس الأحياء، وليس بعيدا ولا غريبا عنهم.
و(الجديد) الذي اكدت عليه الاحتفالية هو دعوتها لتاسيس عالم احتفالي جديد ومتجدد، وان نكون كلنا، وبشكل حقيقي، احتفاليين وذلك في كون عيدي و احتفالي، كل ما فيه يحتفل ويعيد بطريقته وباسلوبه الخاص، وماذا يمكن ان نقول عن هذه الطبيعة المعيدة دائما، وذلك عبر مواسمها وعبر مظاهرها وعبر الوانها وعبر اصواتها وعبر ايقاعاتها وعبر فرحها وعبر غضبها؟

تابعنا على Google news
شاهد أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie اوافق لمزيد من المعلومات، يرجى قراءة سياسة الخصوصية

سياسة الخصوصية