محطات المعرض الدولي للكتاب حوار بين الدار البيضاء والرباط

في مساء رمزي، داخل ردهة من ردهات الزمن الثقافي المغربي، التقت روحُ المعرض الدولي للنشر والكتاب في المغرب بشقَّيها: دورات الدار البيضاء المؤسسة، ودورات الرباط الحديثة. لم يكن اللقاء عادياً، بل كان محمّلاً بذكريات، وأحلام، وبعض من الحنين.


الدار البيضاء: منذ عام 1987 وأنا النواة، البداية، والعنوان. كنت أقام كل سنتين إلى حدود سنة 2002، ومنذ سنة 2004، أصبحت حدثا سنويا، وُلدتُ في قلب العاصمة الاقتصادية، في فضاء له تاريخ رمزي عند البيضاويين، كنتُ ملتقى للعقول والكتب، ومدرسة وموسم سنوي للثقافة. كنت أقام كل فبراير أستقبل الكُتّاب، والقرّاء، والمفكرين وعموم الزوار في طقسٍ ثقافي متميز. لم أكن معرضًا فحسب، كنتُ احتفالًا وحفلا سنويا، حتى جاورني مسجد الحسن الثاني، بفضاء له سعته الروحية، وله فضاء مكتبته التي أصبحت ملحقا ثقافيا موازيا.
الرباط : وأنا، وإن جئتُ بعدك، فقد حملتُ شعلة الامتداد. منذ يونيو 2022، حين نُقلت فعاليات المعرض إليّ، حملتُ على عاتقي مسؤولية الحفاظ على الزخم الثقافي، بل وتعزيزه. مقامي الجديد فضاء OLM السويسي، فضاء مفتوح يتم تهيئته كل عام، لا يحبسني جدار، ولا تقيدني قاعات تقليدية، بل أنفتح على حدائق الرباط.
الدار البيضاء: لكنني كنتُ بيتًا ثابتًا لمدة 35 سنة، كان الزائر يعرف عنواني وموعدي فيأتيني معتادا كأنه يعود إلى وطن ثقافي. أليست الثبات ميزة؟
الرباط : والمرونة ليست نقصًا، بل تكيف. في زمن التحولات، أتيح لي أن أخلق تجربة جديدة كل سنة. في دورتي الأولى استقبلت أكثر من 160 ألف زائر، وجعلتُ من الثقافة احتفالًا حيًا في فضاء ينبض بالحياة، قرب مسرح محمد الخامس والمكتبة الوطنية.
هنا يتدخل فضاء المعرض في الدار البيضاء: أنا الذي احتضن الحروف لعقود، جدراني كانت تحيط بصفوف من الكتب، وقراء وناشرين من الوطن والعالم. لم أكن قاعة فقط، كنتُ ذاكرة وطن وذاكرة كتاب مع كل الأجيال عبر الرقعة الوطنية والدولية.
فضاء الرباط : وأنا رغم كوني قاعات مهيأة، فإنني أُعيد تشكيل نفسي كل عام لأُشبه أحلام القرّاء. مساحتي تذوب في المدينة، وأتماهى مع ربيع الثقافة. لستُ جدارًا، بل فكرة.
الدار البيضاء : في فضائي تأسست الدورات الأولى، وتطورت. ومازالت الأطلال تسأل، عن الأمس القريب.
الرباط : وأنا ما كنتُ لأشرق، لولا جذورك العميقة. حملتُ عنك المشعل، خدمة للكتاب.
بين التحول والامتداد، بين الثبات والمرونة، يتجلى المعرض الدولي للنشر والكتاب كتجربة مغربية فريدة. انطلقت من الدار البيضاء سنة 1987، واستمرت الدورات وصولا إلى الدورة 26 في سنة 2021، ليُرحّل إلى الرباط ابتداء مع الدورة 27 ، سنة 2022، حيث أقيم في فضاء OLM السويسي المفتوح.
مازال المعرض يحن لموطنه لعش ميلاده وجذور تاريخه ومازال البيضاويون ستحسرون عليه..
ايمان وليب

تابعنا على Google news
شاهد أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie اوافق لمزيد من المعلومات، يرجى قراءة سياسة الخصوصية

سياسة الخصوصية