في مكتبة خيالية، تكاد تكون واقعية، أو قل مستمدة روحها من الواقع والخيال معا، إلتقى “الكتاب الورقي” العتيق ذو الغلاف الجلدي وعليه بعض غبار أثر الزمن، مع “الكتاب الإلكتروني” العصري المتوهج بشاشته الأنيقة، وفي مواجهة بينهما ملؤها الاحترام والتقدير، بدأ التوصل التلقائي بينهما.
الكتاب الورقي: لطالما كنتُ الرفيق الأمين للقُرّاء، يحملونني بين أيديهم، ويشتمّون رائحة أوراقي التي تحفظ عبق الزمن. هل تظن أنك تستطيع أن تحلّ مكاني؟
الكتاب الإلكتروني :أنا لا أدّعي أنني أعوضك أو أنا بديلك، بل أقدّم تطورًا طبيعيًا في عالم المعرفة. يكفي أنني أستطيع حمل آلاف الكتب في جهاز واحد، أنت هو مرجعها ومثنها، مما يوفر للقارئ سهولة الوصول والقراءة في أي مكان.
الكتاب الورقي: ولكنني أراك بلا روح، لا تملك ذلك الارتباط الحسي الذي أشكّله مع القارئ، هناك دراسة نشرتها The Guardian أشارت إلى أن القُرّاء يتذكرون محتوى الكتب الورقية أكثر من الإلكترونية بسبب التفاعل الحسي مع الصفحا.
الكتاب الإلكتروني: صحيح، لكن في المقابل هناك دراسة من American University أوضحت أن الطلبة يفضلون الكتب الإلكترونية بسبب سهولة التصفح والبحث داخل النصوص، إضافة إلى أنني أكثر صداقة مع البيئة، حيث أساهم في قليل استخدام الورق .
الكتاب الورقي: ولكن ألا ترى أن وهج الشاشة يرهق العينين؟ وفقًا لدراسة موقع Harvard Health, التي أشارت أن التحديق في شاشاتك لفترات طويلة يسبب إجهادًا بصريًا وأرقًا بسبب الضوء الأزرق .
الكتاب الإلكتروني: صحيح، ولهذا طُوّرت أجهزة مثل Kindle Paperwhite بتقنيات حبر إلكتروني تحاكي الورق ولا تؤذي العينين. كما أتيح للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية الاستماع إليّ ككتاب صوتي، أو تكبير الخط بكل سهولة.
الكتاب الورقي: وماذا عن القيمة الثقافية؟ إن اقتناء كتاب ورقي يعبّر عن الذوق ويُشعر القارئ بالانتماء. العلاقة مع المكتبات ليست فقط بحثا عن مصادر للمعرفة، بل جزء من الذاكرة الجماعية، وجزء من دفئ روحي معرفي.
الكتاب الإلكتروني: مهمتي إيصال المعرفة بأقل تكلفة؟ أنا أوفّر خيارًا اقتصاديًا للطلبة والقرّاء الذين لا يستطيعون شراء كتب غالية. كما أنني أتيح فرصًا للكتّاب المستقلين لنشر أعمالهم خارج احتكار دور النشر.
الكتاب الورقي: نحن لسنا خصمين، بل وجهان لثقافة واحدة. كلاّنا يسعى لنشر الفكر، لكن كلٌ بطريقته.
الكتاب الإلكتروني: وعليه لنكن جسرًا مشتركًا للقرّاء نحو عالم مشترك بنا جميعا.
إعداد : دعاء سميح
أضف تعليقك