ترافع الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني

في ندوة دراسية اجتمع فيها مدرس مع طلبته لتشخيص العلاقة الجدلية بين الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني، والتطرق لأوجه التشابه والاختلاف وما يميز كل منهما على حدة.
المدرس : حديثنا اليوم أيها الطلبة في هذه الأمسية محوره الكتاب بصيغتيه الورقية والإلكترونية، في البدء أقدم لكم الكتاب الورقي الذي يعتبر من أهم الوسائل المساهمة في نقل المعرفة والثقافة عبر العصور، منذ اكتشاف واختراع الكتابة، فقد كان الكتاب الورقي أداة أساسية لنشر المعرفة وتوثيقها واستمراريتها، حمل في طياته عوالم شاسعة في كثير من المجالات، من علوم تجريبية، أدبية، وتاريخية، ورياضية وغيرها حيث ساعد حتى في اكتشاف مناهج البحث والتدرب عليها، وعلى جمع المصادر وتصنيفها، وعلى ترسيخ المعلومة وتوثيقها. من خلال تبادل الكتب تبادلت الأفكار والمعلومات وتأسست وجهات النظر في كل المجالات، فهل يا ترى نتحصل على ذلك في صيغ الكتاب الإلكتروني؟ سؤال مطروح جوابه عندكم.
الطالب الأول : صحيح أن الكتاب الورقي هو أول مادة أساسية أتيحت للقارئ، وجعلته يكتشف معها كثير من العلوم، ومع تطور التكنولوجيا أصبح هذا الكتاب أكثر انتشارا وإقبالا من جميع الفئات العمرية، فقد تحول من كتاب مادي بشكل ملموس نبحث على انتقائه، إلى كتاب موجود بين يدي كل قارئ، يتحصل عليه بضغط زر ليصل على آلاف الكتب تصله عبر الأجهزة الذكية والهواتف المحمولة، التي جعلت من الكتاب الإلكتروني خيارا متاحا في قبضة اليد.
المدرس: تشير هنا للتكاملية بين ماهو ورقي وما هو إلكتروني، وصفت تطور الكتاب وانتشاره بتطور التكنولوجيا، والخدمات التي أضافتها الأجهزة الذكية للقارئ، فما الذي يميز كل منهما عن الآخر ؟
الطالبة من الحضور: يسرني تقديم وجهة نظري حول التمييز بين التدخلات السابقة، وبصفتي محبة للقراءة، عشت التجربتين معا، قرأت عبر الخيار الورقي وإلكتروني، وقد وجدت اختلافا واضحا.. فالكتاب الورقي يتميز عن الإلكتروني بتفاصيل حسية، خصوصا إن كنت شخصا شغوفا بالقراءة وعالم الكتب، فالكتاب الورقي يوفر تجربة قراءة فريدة من نوعها من خلال لمس الصفحات، والشعور بحجم الكتاب، وامتلاكه بين يديك وفي مجموعة مكتبتك، والاستمتاع برائحة الورق والحبر، أمر لن تعيشه مع تجربة القراءة الإلكترونية، فقارئ الكتاب الورقي، يستطيع التركيز أكثر لاختلاف بساط الصفحة عن التصفح، كما يمكن للكتب الورقية أن تحفظ وتحتفظ لفترات طويلة دون الحاجة إلى أجهزة إلكترونية، إضافة إلى التفاعل المباشر مع النص.
في المقابل هناك أشياء يتميز بها الكتاب الإلكتروني أيضا، حيث يوفر للقارئ الوصول السهل والسريع دون الحاجة إلى زيارة المكتبات أو الانتظار لوصول الكتب، وأيضا توفير التكلفة التي ترتفع عند شراء الكتب الورقية، بالإضافة إلى التخلص من عناء الحجم والوزن، مما يجعلها خيارا مناسبا خارج الحيز المكاني.
المدرس : تدخل هام لامس التكامل والتحاور والتميز الحاصل بين الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني مع وجود الفارق.
الطالب الثالث: بناء عما دكر من ميزات وخصائص بين الكتابين الورقي والإلكتروني استطعت استخراج بعض الأمثلة التي تقبض على التحديات التي قد تواجه كلا الصيغتين، فعلى مستوى الكتاب الورقي نجد أنفسنا أمام التكلفة والإنتاج والترويج، فأحيانا تكون الكتب الورقية أكثر تكلفة من الكتب الرقمية، وقد تكون غير متوفرة بسهولة في بعض المناطق، وكذلك مسألة الحجم والوزن والحيز المكاني والسفر بها، وهنا يتم تفضيل البديل، الكتاب الإلكتروني، وقضاياه وإشكالاته الفنية والتقنية.
المدرس : نستخلص إذن التكامل الحاصل بين الوسيلتين، فقد يكون الكتاب الورقي بديلا عن الإلكتروني أحيانا، كما يكون الإلكتروني بديلا عن الورقي أحيانا أخرى. تم إن للكتاب مكانة خاصة في قلوب القراء باعتباره تجربة ثرية وغنية بالحواس والتفاعل وليس مجرد وسيلة لنقل المعرفة كما في المقابل يعد الكتاب الإلكتروني ثورة في عالم القراءة، حيث يتيح للقراء الوصول إلى آلاف الكتب بسهولة وسرعة.
رحاب رحيم