ثقافة

بيير بورديو المجتمع والرأسمال الثقافي والرأسمال الاقتصادي

aue.tanich 25 أبريل 2025 - 13:55

پيير بورديو (1غشت 1930/23 يناير 2002) عالم اجتماع فرنسي، أحد الفاعلين الأساسيين بالحياة الثقافية والفكرية بفرنسا، وأحد أبرز المراجع العالمية في علم الاجتماع المعاصر، بل إن فكره أحدث تأثيرا بالغا في العلوم الإنسانية والاجتماعية منذ منتصف الستينيات من القرن العشرين، برز في الستينيات مع إصدار كتابه المرجع “الورثة ” سنة 1964 مع جون-كلود پـاسرون وكتاب “إعادة الإنتاج” سنة 1970 مع المُؤلِّف نفسه، بعد صدور كتابه “التميز” سنة 1979 ، وله مؤلفات أخرى عن همينة التلفويون وعن الفن عموما، كان قريبا من المجتمع إلى درجة أنه خرج في مظاهرات ووقف مع فئات المُحتجِّين والمُضربين.
اهتم بتناول أنماط السيطرة الاجتماعية بواسطة تحليل مادي للإنتاجات الثقافية والتي تكفُل إبراز آليات إعادة الإنتاج المتعلقة بالبنيات الاجتماعية، وذلك عن طريق علم اجتماع كلي يستنفر كل العتاد المنهجي المتراكم في مختلف مجالات المعرفة عبر التخصصات المتعددة للكشف عن البنيات الخفية التي تُحدِّد أنماط الفاعلية  مِمّا جعل نُقّاده ينعتون اجتماعياته بالحتمانية، وهو كان له رأي آخر.

وأنا أبحث في هذا المحور التقيت مع د.جميل الحمداوي وكثير  من الباحثين رصدوا منهج هذا الرجل، في النبش في الواقع المعاصر من مدخل  علم الاجتماع المعاصر لقراءة الوضع المعاصر، وتوصلت معهم أنه بالفعلا ما أحوجنا لإعادة قراءة بيير بورديو الآن والهنا..

يرى بيير بورديو في مشروعه الذي اطلعنا عليه من مرجعيات كتبه، أن العالم المجتمعي، في مجتمعاتنا المعاصرة، مقسم إلى مجموعة من والفضاءات المجتمعية الفرعية، وحقول: الحقل الفني، والحقل السياسي، والحقل الاقتصادي، والحقل الثقافي، والحقل التربوي، والحقل الرياضي، والحقل الديني…وغيره وكل حل مستقل بذاته مرتبط بالآخر لكنهم جميعا يشكلون بنية مجتمع؛ لذا فكل حق يتميز باستقلالية نسبية عن المجتمع ككل. وفق تراتبية الطبقية والاجتماعية، وباشتداد الصراع الدينامي والتنافس الشديد بين الأفراد حول الامتيازات المادية والمعنوية، والصراع حول مواقع السلطة والهيمنة، حسب طبيعة الرأسمال الذي يملكه كل فرد داخل المجتمع. ويكون الصراع في كل حقل حول مصالح مشتركة أو مصالح خاصة بكل فرد على حدة.

يخضع الحقل لمجموعة من القواعد، مثل: صراع الأجيال. منطق التنافس، صراع الهيمنة والعيش المشترك.
يرى كارل ماركس أن أساس الصراع بين الطبقات الاجتماعية، ولاسيما بين البورجوازية والبروليتارية قوامه الرأسمال الاقتصادي، فبيير بورديو، على غرار ماكس فيبر، يرى أن الصراع لا يتخذ دائما طابعا اقتصاديا، فقد يكون صراعا ثقافيا. ومن ثم، فثمة رأسمالان مهمان في تحريك مجتمعاتنا المعاصرة هما: الرأسمال الثقافي والرأسمال الاقتصاد، وبناء على ما سبق، فقد حدد بيير بورديو أربعة أنماط مختلفة من الرأسمال الذي يملكه الفاعل المجتمعي، وهي:
الرأسمال الاقتصادي: الذي يقيس موارد الفرد المادية والمالية، ويرصد ثرواته وممتلكاته، ويحدد دخله الشهري والسنوي.
الرأسمال الثقافي: يقيس موارد الفرد الثقافية، مثل؛ الشهادات العلمية والمهنية، والمنتوج والمنجزالثقافي من مقالات وكتب ودراسات وأعمال إبداعية وثقافية وفنية، وما يملكه الفرد من مهارات وكفاءات ومواهب وقدرات معرفية ومهنية وحرفية في مجال الثقافة.
• الرأسمال الاجتماعي: يقيس ما يملكه الفرد من علاقات اجتماعية ومعارف وصداقات، تعود إلى ذكائه الاجتماعي الذي يستثمره لربط مجموعة من صلات الرحم والقرابة والصداقة والزمالة.
• الرأسمال الرمزي: ويتضمن الرأسمال الاقتصادي، والرأسمال الثقافي، والرأسمال الاجتماعي، وبهذه الأنماط يتميز الفرد مجتمعيا عن باقي الأفراد الآخرين.
وقد أضاف بيير بورديو رأسمالا آخر في كتابه، “أسئلة السوسيولوجيا”، سماه بالرأسمال اللغوي ؛ حيث تستطيع جماعة ما أن تفرض نفسها ووجودها. وبالتالي، تستفيد من السلطة ومن امتيازات مادية وغير مادية ومنها الثقافية. وأكثر من هذا، فمن يمتلك الرأسمال اللغوي الأجنبي في الدول العربية، فإنه يستطيع أن يحظى بمكانة ثقافية واقتصادية كبرى في المجتمع. وفي هذا السياق، يقول بورديو:” يعني الرأسمال اللغوي التحكم في آليات تشكل الأسعار اللغوية، وكذا القدرة على جعل قوانين تشكل الأسعار تعمل لصالح صاحبه (أي الرأسمال)والقدرة على استخلاص فائض القيمة النوعي. إن أي عملية تفاعل، وأي عملية تواصل لغوي، ولو بين شخصين أو بين صديقين أو بين طفل وصديقته، واختصار، إن كل عمليات التواصل اللغوي هي أنواع من الأسواق الصغرى التي تبقى دوما تحت رحمة البنيات الإجمالية”.
ويعني هذا أن الرسمأل اللغوي خاضع بدوره لقيم الهيمنة والتنافس والصراع، وله علاقة جدلية بباقي الأنماط الأخرى من الرأسمال الرمزي.


وعليه، يستطيع الفرد بهذه الموارد الرأسمالية المختلفة الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، والثقافية، واللغوية) أن يحقق أرباحا ومنافع مجتمعية، ولاسيما أن الرأسمالين: الاقتصادي والثقافي هما أكثر أهمية في مجتمعاتنا المعاصرة حسب بيير بورديو. وهما اللذان يشكلان بنية المجتمع، ويتحكمان في أفعال الأفراد، ويجعل كل حقل مجالي فضاء للتنافس والصراع والتطاحن الاجتماعي والطبقي.
الخاتمة:
يظهر أن بيير بورديو من أهم السوسيولوجيين الملتزمين بالتصور الماركسي في نقد السياسة الرأسمالية. وقد انشغل بتقديم نظرية سوسيولوجية للمجتمع في ضوء المقاربة الصراعية. ومن جهة أخرى، أعطى أهمية كبرى لدراسة الطبقات المجتمعية، وتحليل التراتبية الطبقية والاجتماعية، واستجلاء دور الثقافة في هذا الصراع المجتمعي والطبقي، مع التركيز على المدرسة باعتبارها فضاء للتنافس والتطاحن والصراع واللامساواة الاجتماعية والطبقية.
ومن ثم، فقد اتخذ بيير بورديو السوسيولوجيا أداة لنقد العالم الليبرالي الجديد، وفضح مؤسساته الإيديولوجية القائمة على الهيمنة والسيطرة وإخضاع الآخرين، على أساس أن مؤسسات الدولة الشرعية، مثل: المدرسة، والإعلام، والصحافة، والدين، تمارس نوعا من العنف الرمزي تجاه الآخرين.

إعداد: أحمد طنيش

15 مايو 2025 - 13:46

المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب، التجربة الرائدة لمسرح مستقبلي

12 مايو 2025 - 18:29

جمعية إقلاع تخلد الذكرى الفضية لمهرجان بني عمار بلقاء مفتوح مع الدكتور حسن بلغازي

12 مايو 2025 - 13:04

التراند ميلاد اقتصادي وتطور تواصلي رصدي إعلامي

12 مايو 2025 - 08:16

المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة في دورته ال 25 يحتفي بالذكرى التأسيس 48

أضف تعليقك