عن المسرح الذي يسكننا، ونود أن نسكنه، أسرد هنا مقالات لبداية الموسم المسرحي، تساهم في التأريخ المسرحي..في استهلالي التقديمي لما سأطرحه هنا عبر قراءة في القراءات التي قرأت المسرح العربي، أبسط المنحى الذي سيقود هذه القراءة والتنقيب عن مراحل المسرح العربي قبل تأسيس وانطلاق مهرجان المسرح العربي وحينه وضمنه كل المبادرات التي تخدم المسرح العربي باسم الهيئة العربية للمسرح بدء من تنظيم مهرجان مسرح عربي جوال ومتنقل بين العواصم والمدن العربية، وتطلعا للآتى، مع استحضار بعض من الجدل والاختلاف والائتلاف وغيره بشكل تلميحي وغير مباشر، والذي أعتبره أمرا طبيعيا يطور ويغني ولا يلغي، وعليه لزاما أن نقدم التحية والتقدير للهيئة العربية للمسرح التي برزت وترافعت من أجل هذا المسرح في كل الأقطار العربية خلال العقدين الأخيرين وبفضلها أصبحت الفرق المسرحية العربية في جل الأقطار العربية تعد وتنجز مسرحا عربيا متواصلا مع تاريخه وحاضره نصوصا وإبداعات ودراسات ونقد وتتبع إعلامي ورؤية وخصوصية وجدل وتفاعل، متناغما مع الحراك الفني الدولي وتطوراته وإكراهاته وإرهاصاته وتحولاته الأدبية والفنية والتقنية، وبذلك تم إحياء المسرح العربي وبعث سؤاله دراسة وبحتا وإبداعا ونقدا وتأليفا وحفريات جديدة؛ وعليه نقدم التحية لهذا المهرجان وللهيئة العربية للمسرح ولأمانتها العامة وكل الأطر والفعاليات في هاته الهيئة كما نقدم التحية لمدبري ومسيري وراعيي الفنون رسميا وممارسة عبر الوطن العربي لكونهم ينسقون في التحضير وحضور هذا المسرح في الرقعة العربية؛ لذا حرك سؤال المسرح العربي وانطلق الجدل والتحاور والفكر والنقد في كل قطر عربي مع ممارسيه ونقاده ودارسيه وإعلامييه ومبدعيه والمترافعين من أجله، بحثا عن التأصيل والتجسير، من تم طورت بعض المعطيات وصححت بعض الأفكار وتجادلت وتفاعلت الرؤى هدما وبناء وتجاوزا أحيانا في كل قطر عربي على حدة وفي حوار التلاقح والتجاور والتجاوز بين القطيعة والاستمرارية أو بالأحرى إعادة النظر في المنطلق لنهج سبل أخرى أو القبض على سبل أهملت في زحمة البحث أو الإهمال أو نقص في المعطيات..
ووعيا بالمنتظرات والتطلعات تماشيا مع هذا البعد نجد أن المهرجان حدد أهدافه بل أسسها وجدرها التي تتلخص في الدفاع والترافع والدعم العلمي والمعرفي والإبداعي من خلال أطروحة المهرجان التي تأتي تتويجا لموسم من العمل المتواصل، خدمة للثقافة العربية عامة والمسرح العربي بصفة خاص، ونقف هنا عند دينامية مختبرية تصنع السؤال وتشتغل عليه وتستخرج منه الأفكار والمشاريع وخصوصا الإشكاليات والأطروحات والأطروحات المضادة أو المطورة والمتطورة ناهيك عن المختلفة أو المتكاملة أو الأطروحات التي تقترح نهجا آخر بمعطيات جديدة ومتجددة، ونبدأ بالمتجلية في أكاديمية المسرح العربي وديناميته مع المؤتمر الفكري الذي يعتبر محطة هامة في كل دورة من دورات مهرجان المسرح العربي، هذه الأكاديمية التي تقيم مؤتمرها الفكري المستمر في الأزمنة والأمكنة العربية، ما إن يفتح في دولة عربية ما إلا ويخلق النقاش وإعادة الطرح والتنقيب والبحث، ويعيد فتح السؤال هنا وهناك حتى كثرت الأسئلة التي فتحها وبهذه الخاصية التوليدية للأسئلة المستفزة ينتج التداول الذي يتحول كمدخل لبحوث جديدة وأفكار ومشاريع بدأت تتأسس أو بالأحرى ترى المتنفس من خلال إثارتها في المؤتمرات الفكرية وتجليها يظهر في إطار النشر الذي تشرف عليه الهيئة العربية أو من خلال مسابقات البحث العلمي تأليفا وبحتا وإبداعا في كل الأقطار العربية. ومن خلال معرض الإصدارات الذي يضيف في كل دورة عددا من المراجع عن مسرح القطر المستضيف؛ إذ ضم معرض الدورة 15 لمهرجان المسرح العربي بمسقط، سلطنة عمان 9 كتب جديدة حول المسرح العُماني من إصدارات الهيئة العربية للمسرح في إطار المهرجان و33 توقيعاً لمؤلفات حول المسرح العماني والخليجي والعربي في جناح إصدارات الهيئة وإلى جانبها 30 مؤتمراً صحفياً وفعالية كبرى على الشبكة والتواصل والتوثيق وبث مباشر لكافة الفعاليات بواقع 16 ساعة يوميا واستوديو تحليلي أطلق عليه استوديو 15. ونشرة يومية شاملة للفعاليات تضم 24 صفحة.
بداية الموسم المسرحي انطلق عربيا، سيما وحضرته جغرافيو عربية موسعة، من إبداعات ومبدعين، وذلك كع محطة الدورة 15 بمسقط، سلطنة عمان من 9 إلى 16 يناير 2025، الذي كان فعلا مؤتمرا فكريا يواصل النبش الذي إعتاد المهرجان على إثارته ليقبض على سؤال المرحلة في حوار مع المستحدث في البحوث العلمية والعروض المسرحية الحديثة التي أصبحت توظف تقنيات متطورة، وها هي قد وصلت لمرحلة “الذكاء الاصطناعي”، فما هو الطرح والتحاور الجديدين للمؤتمر الفكري بمسقط؟ مع المحور الإشكالي، “المسرح والذكاء الاصطناعي بين صراع السيطرة وثورة الإبداع الإنساني” التي شارك فيها نخب من أهم الباحثين وأصحاب التجارب من الوطن العربي إضافة لخبراء صينيين حيث يقدم المجربون المسرحيون من مختلف التخصصات (تصميم السينوغرافا، الهولوغرام، المابينغ، والتأليف) تجاربهم، وذلك تطبيقاً للشعار العملي والعلمي للمجال الفكري في الهيئة “المسرح مشغل الأسئلة ومعمل التجديد”، ولعلا استحضار المسألة المعملية المختبرية دعوة لتجديد الأفكار والمقترحات والتصورات في التفاعل المعملي لكون كل مضمون جديد يتطلب شكلا جديدا وأدوات بحثية وتشخيصية ونقدية جديدة.
قراءة: أحمد طنيش
أضف تعليقك