ثقافة

رقصة أكَناوة والجذور الإفريقية

aue.tanich 29 أبريل 2025 - 11:03

دئما ما كانت منطقة جنوب الصحراء الكبرى مجالا حيويا للمغرب؛ إذ ساهمت في إثراء الثقافة المغربية بمختلف جوانبها، بما في ذلك فن الرقص بتعدد أنواعه وأشكاله وجذوره، ومنها تكَناويت بجدورها الإفريقية يعتبرأحد أعلام هذا الفن، المعلم حميد الكص أن التعبير الجسدي الروحي لفن تكَناويت لغة الروح التي تجمعنا، ففي إيقاعات الكَناوة نجد وحدة القلوب والشعوب عبر الزمن والثقافات.
تعود جذورالكَناوة إلى السودان الغربي، خاصة مناطق مالي والسنغال ومناطق السافانا ، حيث استوحيت حركات رقصة الكَناوة من الممارسات الروحية للشعوب المحلية التي لها بعد التواصل مع الأرواح والعلاج عبر تلك الطقوس، بدأت جماعات الكناوة تتشكل في المغرب منذ القرن السادس عشر، من العبيد الأفارقة المحررين وأحفادهم في مدن مثل مراكش وفاس والصويرة، حافظت هذه الجماعات على تقاليدها الإفريقية وفي نفس الوقت طورتها وأضافت إليها الأناشيد الدينية سواء بالدارجة العربية أو الأمازيغية، حيث احتفظت ببعض المعجم بأصله الإفريقي.


استطاع الفن الكناوي بتعبيره الموسيقي وجذبته، الصمود أمام التحولات التي شهدها المغرب .في عام 1997 شكل احداث مهرجان الكناوة وموسيقى العالم في الصويرة نقطة تحول ، إذ ارتقى بهذا الفن من مجرد طقس شعبي عادي إلى فن أصيل وصل إلى صيته الدولي والاعتراف به كجزء من التراث الثقافي غير المادي في قائمة اليونسكو عام 2019، ومن تم أصبحت الصويرة عاصمته السنوية من خلال مهرجانه الذي تجتمع فيه الجغرافية الدولية ذات الأصول الإفريقية من العالم وغيرهم من الفنانين الذي يتلاقحون فنيا وثقافيا.
تعد تجربة هذا الفن نظرة إلى العمق التاريخي للتعبير الكناوي بطقوسه وتراثيته التي ترقت به من المحلي إلى الوطني إلى الدولي، وقد ساهم في هذا الإشعاع تجارب وخبرة الفعاليات المبدعة المسكونة بهذا الفن وهنا من اللازم أن نذكر بعد من رواده المعاصرين ، مثل المعلم عبد الله الكورد المعروف بمهاراته في العزف على آلة الهجهوج، فأغانيه كانت دائما ما تحمل طابعا دينيا تقليديا تمجد الأولياء والأرواح مثل سيدي بلال مع ايقاعات تترك مستمعيها في حالة تصوف.وقد أدمج الجاز والبلوز في أغانيه ليبرز مرونة دون تغيير الجوهر في فنه، وقد أثر هذا الفن في باقي الفنون خصوصا فن المجموعات الغنائية بدء من السبعينيات من القرن الماضي إلى الآن، نأخذ نموجا “ناس الغيوان” الذي وظفوا إيقاعاته وآلاته “الهجهوج” بل حتى نمطه من خلال إدراج فرد من المجموعة من المعلمية الكناوية، ونفس الأمر قامن فيه مجموعة “جيل جيلالة”.
لم يعد فن الكَناوي حكرا على الرجال بل أصبح العنصر النسائي فاعلا فيه بقوة .يتجلى ذلك في أسماء عديدة ومنها أسماء الحمزاوي (مواليد 1998)، التي تعد أول امرأة تمارس هذا الطقس الموسيقي في المغرب، رغم أن هذا الفن كان في تأسيسه الأول وباكورة تجاربه مقتصرا على الرجال . هذا وتعرف أسماء الحمزاوي بكونها أصغر سفيرة لفن الكناوة وقائدة فرقة بنات تومبوكتو التي تأسست عام 2012 ، وهي التي تعلمت هذا الفن من والدها المعلم الكَناوي رشيد الحمزاوي. تحمل أعمالها معاني ودلالات عميقة تتناول المعاناة المهاجرين وكذا الذاكرة الأفريقية، وتساهم في إحياء الاغاني الكَناوية القديمة بطابع عصري.
تتميز رقصة كَناوة في بداية الرقصة بحركات لها دلالات مثل حركات الرأس والكتفين والتي تعبر عن استجابة للموسيقى ومدخل لجذبتها، بينما تأتي القفزات والدوران مع تصاعد الإيقاع والانخراط في الطقس وبعدها تؤدي حركات متسارعة تعكس الطاقة الايجابية الروحية . كما أن الألوان التي يرتديها أهل الطقوس الكَناوية تحمل دلالات رمزية فالأحمر يرتبط بسيدي حمو والأزرق مرتبط بالأرواح المائية بهدف استحضار هذه الأرواح، هذا هو النمط الكناوي فهو أكثر من موسيقى وتعبير جسدي، إنه مرجع وملجأ روحي ونفسي؛ لذا وحسب الطقوس الكَناوية تؤدى الموسيقى والتعابير الكناوية ليلا، وهي طقوس تبدأ غالبا بعد غروب الشمس وتستمر حتى الفجر، يقود العرض الملعم الرئيس عازف الهجهوج ومعه مساعدوه في الإيقاع والترديد، وهناك علاقة تراتبية بين لمعلم ومساعديه، تشبه علاقة الشيخ بالمريد، والمريد لا يصبح شيخا إلا بعد مباركة لمعلم..يعتبر الرقص والتعبير الكَناوي فن كغيره من الفنون محركا أساسيا لتفاعل الثقافات وانسجاما مع تاريخها وجذورها، مما ينتج عنه من تحف وعلاقة فنية تظل خالدة.

أكرم الشوادلي

15 مايو 2025 - 13:46

المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب، التجربة الرائدة لمسرح مستقبلي

12 مايو 2025 - 18:29

جمعية إقلاع تخلد الذكرى الفضية لمهرجان بني عمار بلقاء مفتوح مع الدكتور حسن بلغازي

12 مايو 2025 - 13:04

التراند ميلاد اقتصادي وتطور تواصلي رصدي إعلامي

12 مايو 2025 - 08:16

المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة في دورته ال 25 يحتفي بالذكرى التأسيس 48

أضف تعليقك