ثقافة

الرقص المغربي: أنشودة الأرض وأسرار الهوية

aue.tanich 29 أبريل 2025 - 13:22

اليوم العالمي للرقص الثلاثاء 29 أبريل 2025، هو فرصة للاحتفال بجميع أنواع الرقص عبر العالم، بما في ذلك الرقص المغربي الذي يعد جزءاً هاماً من الهوية الثقافية المغربية.
حين تهب الرياح على ربوع المغرب، لا تحمل معها سوى صدى حركات قديمة، منقوشة في جسد الأرض مثل نقوش الأجداد على جدران القرى العتيقة. فالرقص المغربي لم يكن يومًا مجرد وسيلة للترفيه، بل كان تعبيرًا أصيلاً عن الإنسان المغربي، أفراحه وأحزانه، صراعه مع الطبيعة وعن حلمه الأبدي في القبض على لحظة الخلود.
لقد وُلد الرقص في المغرب منذ أزمنة سحيقة، حيث كان الإنسان يقف أمام قوى الطبيعة مبتهلًا، يترجم حاجاته وأشواقه بلغة الجسد والإيقاع. في تلك اللحظات، لم تكن الكلمات تكفي، فتكلم الجسد بلغته العتيقة. الرقص المغربي، منذ ولادته، كان طقسًا مرتبطًا بالمقدس، بالخصب، بالحرب، بالحب، وبكل دورة من دورات الحياة والموت.


مع تنوع تضاريس المغرب واختلاف ثقافاته، تبلورت أنماط راقصة متعددة، كل واحدة منها تحمل بصمة المكان والزمان والوجدان. ففي الجنوب، تلمع رقصة أحواش، كأنها مد وجزر بين الأرض والسماء؛ صفوف الرجال والنساء تهتز في تناغم ساحر على أنغام البندير والأهازيج، تحكي قصصًا عن الشجاعة والعشق والوطن. وفي قلب الأطلس، تزهر رقصة أحيدوس، حيث الأمازيغ ينسجون لوحة حركية جماعية تنبض بقوة الجماعة وروح الجبال الشامخة. أما في الصحراء، فتنبثق رقصة الكدرة كعاصفة رملية محملة بالأسرار، تؤديها النساء في دوائر محاطة بالرجال، تصفيق وأهازيج تُلهب الحماس. وهناك، في شمال المغرب، ترقص القبائل على أنغام العلاوي، رقصًا صاخبًا حاد الإيقاع، يُلهب الأرواح قبل الأجساد.
لم يكن الرقص معزولًا عن الحياة اليومية للمغاربة، بل كان جزءًا من نسيجهم الاجتماعي. في الأعراس، في الاحتفالات الدينية، في مواسم الحصاد، كان الرقص حاضراً بقوة. إنه مساحة للتعبير، للفرح، للحزن، للانتماء، وللثورة أحيانًا. مع دخول العصر الحديث، وتحت تأثير العولمة والوسائط الحديثة، عرف الرقص المغربي تحولًا ملحوظًا. انتقل من الساحات المفتوحة إلى الخشبات العالمية، من الاحتفالات الشعبية إلى المهرجانات الدولية. ورغم هذه التغيرات، حافظ الرقص المغربي على جوهره الأصيل. ظلت كل حركة وكل إيقاع تنبض بعطر التاريخ وتتنفس بهواء الحرية.
اليوم، تجد الرقصات المغربية في كل أنحاء العالم سفيرة للهوية، تصرخ في وجه النمطية وتؤكد أن المغرب بلد تنصهر فيه الثقافات في بوتقة واحدة من الإبداع والجمال. ومع الجهود المبذولة من قبل الجمعيات الثقافية والهيئات الرسمية، يزداد الوعي بأهمية حفظ هذا التراث الفريد، وتوثيقه للأجيال القادمة.
الرقص المغربي، إذن، هو أكثر من حركات متناسقة؛ إنه قصة تُحكى بالجسد، قصيدة تُنشد بالإيقاع، وحلمٌ يظل حيًا ما دامت الأرض تنبض بالروح المغربية.

ايمان وليب

15 مايو 2025 - 13:46

المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب، التجربة الرائدة لمسرح مستقبلي

12 مايو 2025 - 18:29

جمعية إقلاع تخلد الذكرى الفضية لمهرجان بني عمار بلقاء مفتوح مع الدكتور حسن بلغازي

12 مايو 2025 - 13:04

التراند ميلاد اقتصادي وتطور تواصلي رصدي إعلامي

12 مايو 2025 - 08:16

المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة في دورته ال 25 يحتفي بالذكرى التأسيس 48

أضف تعليقك