الجملة التعبيرية في رقص البالي، بين المبنى والمعنى

تخبرنا كتب تاريخ الفن على أن الرقص الفني هو أحد الفنون التعبيرية الذي يؤدى بالموسيقى وذلك باستخدام خطوات دقيقة ذات طابع رسمي للغاية من خلال مجموعة من الإيماءات. بدأ هذا الفن الأنيق في المحاكم الملكية، حيث بدأ بالتنانير الطويلة، والقباقيب الخشبية، وتساعد دراسة وممارسة الباليه في زيادة قوة الجسم، وزيادة الوعي المكاني والزماني، وتحسين القدرة على التنسيق، إذ يحتفظ راقصوا الباليه بمرونة أجسامهم حتّى مع التقدّم في السن، مما يجعل هذه التقنية أساس التدريب لجميع أنواع الرقص الأخرى، فهي تتطلّب التفاني والصبر.
ومن الفوائد التي تعود على ممارسي الباليه، بناء القوّة البدنيّة، وزيادة القدرة على التحمّل والتوازن، بالإضافة إلى اكتساب مهارات خفة الحركة، والمرونة، واللياقة البدنية. يُمكِّن فن الباليه المرء من التعبير عن نفسه من خلال الحركة، والصور، والعاطفة. أهم خطواته وبعض الطرق المهمة والتي تساعد على تنمية مهارة رقص الباليه بشكلٍ صحيح من خلال عدّة وضعيّات أساسية تساعد على ممارسة رقص الباليه، لمن لديه الشروط الجسدية والذهنية، تلك الحركات والوضعيات بعضها يخص اليدين، وبعضها يخصّ القدمين، وتعد حركة القدمين الأساسيات في تعلّم الباليه.


الوضعية الأولى: يتمّ جعل اتجاه أصابع القدمين إلى الخارج، مع إلصاق الكعبين ببعضهما البعض، ومحاولة تشكيل خط مستقيم بكلا القدمين، مع الحفاظ على استقامة الرأس والظهر، والبقاء في وضعية متوازنة.
الوضعية الثانية: تكون القدمين بنفس الزاوية كما في البداية، إلا أنه يتمّ تحريكهما بحيث تكونان ضمن المساحة حول الكتفين، ثمّ يبدأ الشخص بالتوسّع شيئاً فشيئاً، ويجب الحفاظ على نفس الوضعية والتوازن أثناء تطبيق القاعدة الثانية كما في الأولى، وبعدها يتم الانتقال من الوضعية الأولى إلى الثانية دون تغيير زاوية الكاحلين.
الوضعية الثالثة: يتم وضع إحدى القدمين أمام الأخرى بحيث يكون كعب القدم الأمامية في مواجهة منتصف كعب القدم الخلفية، ويجب أن يكون كعب القدم ملاصقاً لحزام حذاء كاحل القدم الأخرى، ويتم نقل الوركين إلى الأمام مع الحفاظ على التوازن، إذ يجب أن تكون الساقان مستقيمتان مع الكتفين.
الوضعية الرابعة: للانتقال من الوضعية الثالثة إلى الرابعة، يجب تحريك القدم الأمامية إلى الخلف، مع توزيع الوزن باتجاه عكسي بشكل مشابه للوضعية الأولى والثانية، بحيث تبتعد القدمان عن بعضهما البعض بمقدار خطوة واحدة.
الوضعية الخامسة: للانتقال إلى الوضعية الخامسة والتي تُعَد معقّدة بعض الشيء، يجب إحضار القدم الأخرى أمام القدم الأمامية بحيث تواجه أصابع كل قدم كعب الرجل المعاكسة، ثم يتمّ ثني الكاحل بحيث يكون الكعب فوق قمة الإصبع، ثمّ يتم ثني الركبة قليلاً مع إبقاء الظهر والكتفين مستقيمين.
لذا يعتمد البالي على كثرة التمارين وبشكل يومي ليتعود الجسد على القراءة والكتاب بالجسد.
وُلِد فن الباليه في ساحات النهضة الإيطالية في القرن الخامس عشر الميلادي، حيث كان النبلاء في ذلك الوقت مهتمّين بحضور حفلات الباليه، ودمجها في أعراسهم، كما كانوا يقومون بإحضار المدرّبين لتعليم هذا الفن العريق لأبنائهم، وفي القرن السادس عشر الميلادي قامت السيدة كاثرين دي ميديشي وهي زوجة الملك هنري الثاني ملك فرنسا بتمويل فِرَق الباليه، ودعمها للقيام باستعراض في الساحة الفرنسية، حيث كانت تُقام هناك الأمسيات الغنائية، والموسيقيّة، والشعريّة، وتُعرَض اللوحات والأزياء الفنيّة. ثم ازداد الاهتمام أكثر بهذا الفن في عهد الملك لويس الرابع عشر والمُلقَّب بملك الشمس، فقد تحوّل فن الباليه من كونه هواية يتمّ ممارستها للتسلية إلى مهارة تتطلّب التدريب ليتمّ أداؤها باحتراف. وفي العام 1661م افتُتحَت أوّل أكاديميّة لتعليم رقص الباليه في باريس، وبحلول عام 1681م، ابتدأت العروض الراقصة بالانتشار في المسارح الفرنسيّة، وبدأ من هناك أيضاً ما يُعرَف بالباليه الأوبرالي، والذي يتمّ من خلاله التعبير عن الفصول المسرحيّة من خلال حركات الباليه الإيقاعيّة، ومن أمثلة الباليه الأوبرالي أوبرا عايدة والتي اكتُشفَت مخطوطاتها في مصر، حيث تحكي الأوبرا الراقصة قصّة الأميرة الأثيوبيّة عايدة والتي تم حبسها في مصر.


وي منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، ابتكر الخبير الفرنسي جان جورج زهو حد خبراء رقص الباليه نمط الرقص التفاعلي، والذي سُمّي لاحقاً بالباليه القصصي، إذ يتمحور هذا النمط الدرامي حول التعبير عن قصّة تربط بين الشخصيّات الراقصة، وبعد هذا القرن بدأ فن الباليه يشابه الشكل المعاصر الذي يعرفه الناس حالياً، حيث بدأت فكرة الرقص الذي يرتكز فيه الراقص على رؤوس الأصابع بالظهور، ورأى الباليه الرومانسي النور في النصف الأوّل من القرن التاسع عشر، حيث عُرِفَت راقصات الباليه منذ ذلك الوقت بالتنورة القصيرة التي تصل إلى منتصف القدم.
أما الروس فلهم لمسهم الساحرة في فن الباليه إذ خرجت رسويا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بصورة جديدة لفن الباليه، وأخذت هذا الفن إلى مستويات عظيمة لم تكن معروفة سابقاً، ولا تزال استعراضات الباليه الروسي تُقام حتى يومنا هذا، ولعلّ أكثرها عالميّة ما يُعرَف بباليه بحيرة البجع، وباليه الجمال النائم، وكسّارة البندق. وقد أضاف الروس إلى فنّ الباليه حركات التحوّل، والتقنيات العالية، وقاموا بأداء الباليه الكلاسيكي بالتّقنيات التي نعرفها الآن، حيث أدّوا هذه التقنيات الدقيقة على أكمل وجه، ولم يكفّ الروس عن إثراء هذا الفن بالمزيد من التفاصيل، حيث قام مصمّموا الرقص في مطلع القرن العشرين بتصميم حركات جديدة، وأُنتجَت أعمال مختلفة بموسيقى غير متناغمة، وقصص جريئة مثيرة للجمهور، وحتى إنّ الباليه الكلاسيكي الجديد هو أيضاً من إنتاج الروس، حيث إنّ من قام بتغيير الباليه إلى المنظور العصري، واستخدم فن الباليه للتركيز على الانفعال البشري ضمن تعابير الموسيقى هو خبير الرقص جورج بالانشين والذي هاجر من روسيا إلى أمريكا ليؤسس باليه نيويورك، واليوم أصبح بفضله للباليه عدّة أوجه، حيث حافظ على الشكل الكلاسيكي، وعلى باليه القصص التقليدية، وأضاف التصاميم المختلفة إلى الرقصات، وبذلك أنتج فن الباليه الحديث.

أحمد طنيش

تابعنا على Google news
شاهد أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie اوافق لمزيد من المعلومات، يرجى قراءة سياسة الخصوصية

سياسة الخصوصية