في إطار فعاليات الدورة السابعة لمهرجان الريف الدولي للفيلم الأمازيغي بتطوان، وضمن النشطة التي يسهر المهرجان على تنزيلها، تحتضن سينما اسبانيول ندوة فكرية محورها: ” السينما كآلية للنهوض بثقافة حقوق الإنسان” يؤطرها ثلة من النقاد والمتخصصين في مجال السينما، الناقد د.حمادي كيروم، والناقد د.لحبيب ناصري، والأستاذ والحقوقي لحبيب حاجي ويسيرها الكاتب والشاعر إدريس علوش.
تتطرق الندوة إلى محور ثقافة حقوق الانسان كمنظومة فكرية وثقافية وسياسية عبر آلية السينما، باعتبارها جنس إبداعي وفني قائم الذات وإحدى القنوات الرئيسية التي تسعى إلى خدمة الإنسانية ونشر القيم الأخلاقية وذلك من أجل نشر ثقافة الحقوق والواجبات بين المواطنين.
يشير مفهوم حقوق الإنسان إلى الحقوق المتأصّلة لجميع البشر بغض النظر عن جنسهم، أو عرقهم، أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو جنسيته أو أي أمر آخر، حيث تشمل حقوق الإنسان على: الحق في الحياة، والحرية، والتحرر من العبودية والتعذيب، والحرية في التعبير عن الرأي، والحرية في الآراء الفكريّة، والحق في العمل والتعليم، وغيرها من الحقوق الإنسانية التي ولدت مع الإنسان وليس من حق أحد أن يأخذها منه، حيث إنّ هذه الحقوق هي لجميع الناس دون تمييز فئة عن فئة أخرى.
يُمثل مبدأ عالمية حقوق الإنسان مبدأ أساسياً في القانون الدولي الخاص بحقوق الإنسان، وقد ظهر هذا المبدأ لأول مرة عام 1948م في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وظهر فيما بعد في الكثير من الاتفاقيات، والقرارات الدولية لحقوق الإنسان، وهي تعني أنّ من واجب الدول أن تعزز وتحمي جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بصرف النظر عن نظمها السياسية والاقتصادية والثقافية، وغير قابلة للتصرف تعني أنّه لا ينبغي سحبها، إلا في أحوال محددة وطبقا للإجراءات المرعية، فمثلا، يجوز تقييد الحق في الحرية إذا ما تبين لمحكمة قضائية أن شخصا ما مذنب بارتكاب جريمة.
هذا وجدير بالإشارة أن محور السينما وحقوق الإنسان كام محور لندوة احتضنها فضاء « الإصدارات » برواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمناسبة المعرض الدولي للنشر والكتاب الجمعة 25 أبريل 2025 بحضور كل من المخرج المغربي سعد الشرايبي، وفدوى مروب، رئيسة جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان، تطرقت إلى إدماج ثقافة حقوق الانسان في المنتوج السينمائي المغربي، والتدابير الممكنة لضمان شمولية الحق في الولوج للسينما، كما سلطت الضوء على دور البيئة القانونية في المجال السينمائي لتعزيز المقاربة الحقوقية، ودور السينما في نشر القيم المؤسسة لثقافة حقوق الإنسان.
وأكد المشاركون في الندوة أن السينما ليست فقط وسيلة للتسلية والترفيه، بل تعد وسيلة قوية لنقل القيم الكونية لحقوق الإنسان، وتوثيق الذاكرة الجماعية للشعوب، وطرح قضايا المجتمع من زوايا نقدية وإنسانية.
وفي مداخلته خلال الندوة، أكد المخرج المغربي سعد الشرايبي أن العلاقة بين السينما وحقوق الإنسان هي علاقة جوهرية لا تقبل الفصل، موضحًا أن « السينما كأداة تعبيرية وحقوق الإنسان هما أخوان من نفس الطينة ». وأضاف الشرايبي أن التعبير الفني لا يمكن أن يوجد دون حرية التعبير، معتبراً أن « حينما أتوفر على الحرية، أتوفر على الحقوق، والمشكلة تبدأ عندما يُحرم الفنان من حريته في التعبير».
وأشار الشرايبي إلى وجود معيقات حقيقية يجب تسليط الضوء عليها، مبرزًا أن القطاع السينمائي أصبح منشغلًا أكثر بتدبير المساطر الإدارية بدل الإبداع الفني. وتوقف بحسرة أمام مستقبل السينما، قائلا: « لا أعتقد أن الغد مشرق. سننتقل من تعبير حر إلى تعبير مقنن، حيث سيتم تفادي مواضيع مثل الجنس والدين، مما سيقيد حرية المخرج وكاتب السيناريو».
من جهتها، أبرزت فدوى مروب، رئيسة جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان، أن الحديث عن سياسة تنموية للوطن يقتضي بالضرورة الحديث عن سياسة ثقافية واضحة. واعتبرت أن الانطلاق الحقيقي لأي سياسة ثقافية، خصوصًا في مجال السينما، يجب أن يقوم على ضمان حرية الإبداع.
واستدلت مروب بفيلم « نساء… ونساء » للمخرج سعد الشرايبي (1997)، الذي خلق نقاشًا مجتمعيًا واسعًا حول قضايا المرأة ومدونة الأسرة، مشددة على الدور الحيوي للسينما في طرح القضايا الاجتماعية الحساسة وتحريك النقاش العمومي.
وأجمع المشاركون على أن تحقيق شمولية الحق في الولوج إلى السينما يعد من صميم تعزيز العدالة الثقافية. وشددوا على ضرورة اتخاذ تدابير عملية تمكن الفئات الهشة وساكنة المناطق النائية من التمتع بحقها في الولوج إلى العروض السينمائية.
وفي هذا الإطار، نبهت فدوى مروب إلى أن العمل السينمائي المدعوم من المركز السينمائي المغربي يجب أن يكون متاحًا لجميع المواطنين دون استثناء، معتبرة أن “لا يعقل أن يتم دعم فيلم بالمال العام، ثم يحرم منه جزء من المغاربة بسبب التوزيع غير العادل”.
هذا وفي انتظار البرمجة المتميزة للدورة 7 لمهرجان الريف للفيلم الأمازيغي، والذي سينظم بتطوان من 21 إلى 24 ماي 2025، والتي ستضم فقرات متميزة من مسابقة رسمية للأفلام الأمازيغية، وندوات ومحترفات، وضمنهم فقرة هامة الندوة المحورية حول علاقة السينما بحقوق الإنسان، ليس كتيمة بل كآلية للنهوض بثقافة حقوق الإنسان.
أضف تعليقك