استحدث مصطلح الثقافة الشعبية في القرن التاسع عشر أو ما قبله. ارتبطت الثقافة الشعبية تقليديًا مع ضعف التعليم والطبقات الاجتماعية الدنيا على عكس الثقافة الرسمية والتعليم العالي للطبقات العليا. شهدت بريطانيا في العصر الفيكتوري تغييرات اجتماعية أدت إلى زيادة معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة، ومع ظهور الرأسمالية والتحول الصناعي، بدأ الناس بإنفاق المزيد من المال على الترفيه. مع عنونة بيني دريدفول المكافئ الفيكتوري لألعاب الفيديو، وصفت صحيفة الجارديان في عام 2016 خيال بيني بأنه «ذوق بريطانيا الأول للثقافة الشعبية المنتجة على نطاق واسع للشباب». خلقت ثقافة المستهلك المتزايدة والقدرة المتزايدة على السفر عبر السكك الحديدية التي اخترعت حديثًا (أول سكة حديد عامة، سكة حديد ستوكتون ودارلينغتون، التي افتتحت في شمال شرق إنجلترا في عام 1825) خلقت سوقًا للأدبيات الشعبية الرخيصة والقدرة على توزيعها على نطاق واسع. نُشرت أول سلسلة بيني في ثلاثينيات القرن التاسع عشر لتلبية هذا الطلب.
أصبح التوتر المترافق مع الاختلاف عن «الثقافة الرسمية» أكثر وضوحًا في نهاية القرن التاسع عشر، من الاستخدام الذي أسسته فترة ما بين الحربين. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد التغييرات الثقافية والاجتماعية الكبرى التي أحدثتها ابتكارات وسائل الإعلام، بدأ معنى الثقافة الشعبية يتداخل مع معاني الثقافة الجماهيرية والثقافة الإعلامية والثقافة المرئية وثقافة المستهلك وثقافة الاستهلاك الشامل. كانت التغيرات الاجتماعية والثقافية في الولايات المتحدة رائدة في هذا الصدد بالمقارنة مع الدول الغربية الأخرى.
تعود الصيغة المختصرة عن «شعبية» بـ «بوب»، كما في موسيقى البوب، إلى أواخر الخمسينيات. على الرغم من أن المصطلحين «بوب» و«شعبي» يستخدمان في بعض الحالات بالتبادل، ويتداخل معناهما جزئيًا، إلا أن المصطلح «بوب» أضيق. يختص مصطلح «البوب» باحتواء الصفات التي تجذب الجماهير، بينما يشير مصطلح «الشعبي» إلى ما اكتسب شعبية، بغض النظر عن أسلوبه.
توجد جملة من التعريفات المختلفة للثقافة الشعبية وفقًا للمؤلف جون ستوري. يواجه التعريف الكمي للثقافة مشكلة أن الكثير من «الثقافة العالية» (مثل الدراما التلفزيونية لجاين أوستن) هي أيضًا «شعبية». تُعرّف «ثقافة البوب» أيضًا على أنها الثقافة التي «نُبذت» عندما أُقرت ماهية الثقافة العالية. على الرغم من ذلك، فإن العديد من الأعمال تمتد عبر الحدود، مثل ويليام شكسبير وتشارلز ديكنز.
يساوي التعريف الثالث ثقافة البوب مع «الثقافة الجماهيرية» والأفكار. يُنظر إلى هذا على أنه ثقافة تجارية تُنتجه وسائل الإعلام بكميات كبيرة من أجل الاستهلاك الجماهيري. يمكن مقارنة ذلك من منظور أوروبا الغربية، بالثقافة الأمريكية. وعوضًا عن ذلك، يمكن تعريف «ثقافة البوب» بأنها ثقافة «حقيقية» تمثّل الجمهور، الأمر الذي قد يكون مشكلة لأن هناك العديد من الطرق لتعريف «الجمهور أو الناس». جادل ستوري بأن هناك بعدًا سياسيًا للثقافة الشعبية، إذ تعتبر نظرية الهيمنة الغرامشانية الحديثة «أن الثقافة الشعبية هي موقع للصراع بين مقاومة المجموعات المرؤوسة في المجتمع من جهة وقوى الاتحادات التي تعمل لصالح الجماعات المهيمنة في المجتمع من جهة أخرى». لن تعترف بعد الآن مقاربة ما بعد الحداثة للثقافة الشعبية بالاختلاف بين الثقافة العالية والشعبية.
أحمد طنيش
أضف تعليقك