تظهر أهمية الهوية الثقافية حينما يتحاور الفرد مع ذاته والآخر

عندنا ينتقل فرد ما من ثقافة إلى ثقافة، فإنه يحمل معه رواسبه، ويتم تلاقح الثقافات وحوارها مع الآخر، حيث تنشأ مجموعة من الأسئلة لديه مثل، هل أرى نفسي كشخص من خلال نظرتي لنفسي أم من خلال نظرة الآخرين لي؟ هل ينبغي أن أكون أنا الشخص الذي أقتنع بأن أكون هو أم الشخص الذي يعتقده الآخرين عني؟ هل أنا جزءٌ من المجتمع الجديد أم لا؟ وغيرها من الأسئلة، فالهوية الثقافية تساعد الفرد على الإجابة عن أسئلته من خلال إدراك معنى الوجود وزيادة الوعي الذاتي له من خلال التجارب الشخصية التي يتعرّض لها، فتلك التجارب والمواقف تساعد الإنسان على إدراك المعنى من وجوده وكيفية جعله من المتميزين، كما أن لها دورٌ مهم في إعادة تشكيل هويته، ويُمكن تعزيز الهوية الثقافية للفرد من خلال الاهتمام بتكوين العلاقات بين الأفراد.
يرتبط الفن بثقافة المجتمع، والقضايا التي تسود فيه، ويمكن اعتبار الثقافة بأنّها عامل مهم في تشكيل مواضيع الفن، إذ تنعكس هذه الثقافة على الفنّ بأشكاله المختلفة، من رسم، ونحت، وموسيقى، وكتابة، ومسرح، وغيرها، هذا ويمكن الحفاظ على تاريخ الفترات القديمة، وثقافة المجتمعات المختلفة من خلال تجسيدها بالأعمال الفنيّة، فمثلاً يساهم تأمّل تفاصيل، ونقوش الأعمال الفنية المتنوّعة الموجودة على جدران المعابد، ودور العبادة القديمة المختلفة في فهم ثقافة الشعب، والمجتمع، والاعتقادات السائدة فيه في ذلك الوقت، كما يساعد الفن على بيان، وتوضيح اختلاف الثقافات في المكان الواحد من وقت لآخر.
لمعرفة مزيدٍ من المعلومات حول موضوع الفن والثقافة وفهم ثقافات الشعوب الأخرى وكيف يمكن أن يتعرّض أي فردٍ لمقابلة أفراد يختلفون عنه في ثقافاتهم، على الباحث على هذه المعارف وعن العلاقة الجدلية بين الفن والثقافة، أن يقابل ثقافات الشعوب وسيستخرج منها الأجوبة في تلاقيها وخصوصيتها ويرتبط الأمر كذلك بتعرّض الفرد بخبرات جديدة مع أفراد آخرين، لِذا من المهم فهم الاختلافات الثقافية لأنّ ذلك يساعد على التأقلم في كافة المجتمعات والخبرات الجديدة في العالم.
لفهم ثقافات الشعوب الأخرى يتطلب الأمر الوعي الذاتي: أي ينبغي أن يكون الفرد مدركاً لمعتقداته، وقيمه، واختياراته الشخصية، وهذا يساعده على تحديد الاختلافات بينه وبين الأفراد الآخرين وفهم تلك الاختلافات، الأمر الذي يتطلب إجراء البحوث حول الثقافات: من خلال إرثها التاريخي وتقاليد الثقافات الأخرى المرتبطة بها جغرافيا أو عن طريق علاقاتها بالحرب والسفر وتبادل الثقافات، وذلك من أجل تطوير فهم شامل عن التنوّع الثقافي، كما يساعد التحدّث إلى الأشخاص من ثقافاتٍ أخرى على التعرّف عليهم والتعمّق بثقافاتهم بصورةٍ جيدة، ويجدر بالذكر أنّ التعرّف على الثقافات من خلال هذه الطريقة لا يتم عن طريق السؤال المباشر بل يكون من خلال التفاعل لفهم الثقافات تلقائيّاً، يضاف إليها السفر إلى بلدٍ آخر ذو ثقافة مختلفة والعيش فيه والتفاعل مع أفراده من أفضل الطرق التي تساعد على الانفتاح على ثقافاتٍ جديدةٍ وفهمها.