وقد أظهر أحدث تصنيف عالمي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود” اليوم الجمعة 2 ماي 2025، أن حرية الصحافة في العالم في أسوأ حالاتها على الإطلاق، مشيرة إلى أن أوروبا هي الأكثر حرية في مجال الصحافة. وقالت المنظمة في تحليلها: “وضع حرية الصحافة العالمي في عام 2025 في أدنى مستوياته على الإطلاق. يعيش أكثر من نصف سكان العالم في دول ذات وضع خطير للغاية”. وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن أوروبا لا تزال المنطقة التي يمكن للصحفيين فيها ممارسة الصحافة بأقصى قدر ممكن من الحرية.
ويشير التقرير إلى أن وسائل الإعلام تكافح من أجل العمل بشكل مستدام في 160 دولة حول العالم. ويقيم تصنيف حرية الصحافة الوضع في بلد أو منطقة في إطار خمس فئات: السياسة، والقانون، والاقتصاد، والثقافة الاجتماعية، والأمن. وصدر التصنيف اليوم الجمعة قبل اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق ليوم السبت 3 ماي 2025.
بينما تشهد حرية الصحافة تراجعاً مقلقاً في العديد من أرجاء العالم، بات الضغط الاقتصادي يُعد من العوامل الرئيسية التي تساهم في تعميق هشاشة وسائل الإعلام، علماً أنه غالباً ما يُستهان بهذا العامل المؤثر، الذي يتخذ أشكالاً متعددة، منها تمركز مِلكية وسائل الإعلام، والضغط من المعلنين أو الممولين، ناهيك عن غياب مساعدات الدولة أو تقييدها أو تخصيصها بناءً على آليات غير شفافة. وفي ضوء البيانات التي تُقاس بالمؤشر الاقتصادي للتصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي تُشرف على إعداده منظمة مراسلون بلا حدود، يتضح بجلاء أن وسائل الإعلام أصبحت عالقة بين محاولة ضمان استقلاليتها والسعي إلى الحفاظ على استمراريتها الاقتصادية.
سجل المغرب قفزة نوعية في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2025، الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، بعدما ارتقى بـ9 مراتب دفعة واحدة، ليستقر في المركز 120، مقابل المركز 129 للسنة الماضية، متقدماً بذلك على عدد من الدول العربية، استطاع المغرب أن يحقّق هذا التقدّم رغم التحديات، في وقتٍ تعيش فيه عدد من بلدان شمال إفريقيا على وقع أزمات أثّرت بشكل مباشر على واقع الإعلام، وعلى رأسها تونس، التي تراجعت بشكل ملموس إلى المرتبة 129، بعد أن فقدت 11 مركزاً، لتكون صاحبة أكبر تراجع في المنطقة، خصوصاً على مستوى المؤشر الاقتصادي، واصل المغرب تحسين تموقعه.
جاء في التقرير الخاص بالمغرب، نقط هامة وملاحظات علينا أن نشتغل عيلها من الآن إذا أردنا تحسين الموقع والمكانة، حيث لوحظ أن تعدُّدية الصحافة المغربية “تبدو مجرد واجهة، إذ لا تعكس وسائل الإعلام تنوع الآراء السياسية في البلاد”، وأشير “يواجه الإعلاميون ووسائل الإعلام المستقلة ضغوطا كبيرة، وحق الوصول إلى المعلومة يُسحق تحت وطأة آلة دعائية قوية تخدم الأجندة السياسية للمقربين من السلطة”.
وحدد التقرير العلاقة بين الصحافة ومدبري الشأن العام “منذ فوز حزب التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات التشريعية لسنة 2021، ضاعف رئيس الحكومة عزيز أخنوش من المتابعات القضائية في حق الصحفيين المنتقدين، كما يستخدم قوته المالية للتأثير على الخط التحريري لأبرز وسائل الإعلام، في حين تُفرض قيود مالية على المنابر المعارضة لحكومته”، بل حدد التقرير الاشكال “هذا التحالف بين المال والسلطة يعيق قدرة الصحافة على معالجة قضايا الفساد المرتبطة بتدبير الشأن العام، ما يجعل أي محاولة لكشف الفساد مخاطرة مالية وقضائية” وربط ذلك بمسألة مركزية “غياب الضمانات القانونية لحماية حرية التعبير والصحافة، إلى جانب ضعف استقلالية القضاء، وتزايد المتابعات ضد الصحفيين، كلها عوامل تدفع المهنيين إلى ممارسة الرقابة الذاتية”، وأضافت أن “استبدال المجلس الوطني للصحافة سنة 2023 بلجنة مؤقتة، يُعد تراجعًا عن مسار التنظيم الذاتي للصحافة المغربية”.
على المستوى الاقتصادي أفاد التقرير أن “البيئة الاقتصادية غير مواتية، ووسائل الإعلام تواجه صعوبة في جذب المعلنين”، معتبرا أن المنابر المستقلة، التي باتت “نادرة”، وفق توصيفه، “تكافح من أجل تحقيق الاستقرار المالي اللازم للتطور، في المقابل، تحظى وسائل الإعلام الموالية للسلطة بنماذج مالية أكثر استقرارًا بفضل سهولة الوصول إلى الموارد المالية”.
كما اعتبرت المنظمة أن الإفراج عن عدد من الصحفيين، من بينهم توفيق بوعشرين، وعمر الراضي، وسليمان الريسوني، بعفو ملكي في 30 يوليوز 2024، “أثار بعض الأمل” ومع ذلك، ومع اقتراب انتخابات 2026، يضيف التقرير “تتزايد الضغوط على الصحفيين المنتقدين”، خالصا إلى أن “رئيس الحكومة يستخدم سلطاته لتقييد الصحافة، بينما كثَّفَ وزير العدل عبد اللطيف وهبي المتابعات القضائية ضد الصحفيين خلال هذه السنة”.
هيئة التحرير
أضف تعليقك