ثقافة

حوار مع الباحث المسرحي المغربي د.عبد الرحمن بن زيدان

aue.tanich 5 مايو 2025 - 19:12

تصدر الهيئة العربية للمسرح بشكل دائم عبر سلسلتها “دراسات مسرحية” مجموعة من الكتب المتخصصة التي تحاول من خلالها رصد الظواهر المسرحية ومستجدات عالم المسرح وطرح قضاياه المختلفة لتؤسس لكيان مسرحي لا بد أن يكون.. وبمناسبة يوم الكتاب العالمي الذي يصادف 23 من شهر نيسان كان من الضروري أن نختار لكم من هذه الإصدارات المتميزة التي رأت النور مؤخراً كتاب “مقامات القدس في المسرح العربي.. الدلالات التاريخية والواقعية” للتعريف به من خلال حوار أجريناه مع مؤلفه الباحث المسرحي المغربي د.عبد الرحمن بن زيدان، والكتاب يتصدى للإجابة عن موقع القدس والقضية الفلسطينية في المسرح العربي ودور المسرح في الدفاع عن قضايا الأمة وصياغة الوجدان وصناعة التاريخ وإعادة صياغته.

هذا الحوار للزميلة أمينة عباس من دمشق، نشر  بمجلة الهدف العدد (70) (1544) الإثنين 05 مايو 2025 | 03:47 م، وموقعنا يعيد نشره..

*كيف أُنجِز هذا الكتاب؟

**زمن كتابة هذا الكتاب محكوم بزمن تلقي العديد من العروض التي جعلت فرجتها قضية القدس والقضية الفلسطينية، حيث كنتُ أتابع المهرجانات المسرحية العربية بشغف كبير، باحثاً عن العروض ذات المضمون الفلسطيني، سواء المقدَّمة من قبل الفرق الفلسطينية أو الفرق العربية، وكان هدفي تفكيك ما يمكن تفكيكه وتأويل ما يمكن تأويله وتركيب ما يمكن تركيبه وبناء الفهم الممكن للكيفية التي يفكر بها المسرحيون العرب في مدينة القدس والقضية الفلسطينية، مع الإشارة إلى أن الرجوع إلى ما توفر لدي من نصوص ومشاهدات للعروض المسرحية ما كان إلا من باب الحفاظ على الذاكرة المسرحية العربية، مع أنه لا يمكن الكتابة عن كل المسرحيات لعسر رواج العديد منها، وأقرّ بأن تقديم هذا الكتاب حول القدس لم يكن إحاطة شاملة بعلاقة المسرح بالقدس لأن من علم شيئاً بوجود تجارب غابت عنه تجارب ونصوص مسرحية.. من هنا لم يكن هذا الكتاب تعريفاً جامعاً مانعاً بتجارب المسرح العربي في علاقته بفلسطين بل مساهمة منّي في تسليط الضوء على مكمن الاشتغال المسرحي العربي على القدس، وقد اخترتُ له عنوان “مقامات القدس في المسرح العربي.. الدلالات التاريخية والواقعية” لأن العديد من النصوص والعروض لم تفارق التاريخ ولم تبتعد عن الواقع أثناء إبداع لحظة الحديث عن هذه المدينة، سواء بالكلمة أو بالصورة أو بالرؤية التراجيدية للعالم.

*من الأسئلة المهمة التي طرحتَها في الكتاب: “لماذا التعتيم الإعلامي على فلسطين؟” فهل نجح هذا التعتيم في تحقيق أهدافه؟

**لا يمكن للتعتيم الإعلامي المؤدلَج والمغرض والمحمّل بكل أنواع العنصرية المتعالية والمخططات المشبعة بسادية الإقصاء أن يحجب العديد من الحقائق التي كوّنت وتكوّن الأحداث والوقائع التاريخية الكبرى التي عرفها الوطن العربي حول فلسطين والقدس وعرفها العالم، كما لا يمكنه إخفاء الحقائق أو طمس معالمها وتزوير مكوناتها لأنه ومهما بلغت قوة هذا التعتيم ذروتها وبلغت أقصى ما تريد الوصول إليه من نتائج يبقى تاريخ فلسطين ناصعاً بمقاومته، وتبقى الوقائع والتواريخ والأحداث حول القدس والقضية الفلسطينية حاضرة بشرعية تاريخية تُضعف من قوته حتى لا ينجح في محوها أو إخفاء سياسة من يبارك التاريخ المزور، وهذا لا يعني سوى فشل مخطط إيديولوجي توسعي مسيطر كان يريد أن يضمن حالات السكوت وكل أشكال التواطؤ والتشجيع على التنازل العربي عن قضية القدس، لتبقى سياسته الصهيونية داعماً قوياً للغفلة المقصودة التي تمنع الاقتراب من معاني تراجيديا الواقع الفلسطيني وتشجع كل متعلق بثوابت القدس على أن يُنسى كل كلام يدور في فلك القضية أو ينافح عن القيمة الرمزية لمدينة القدس.

*أيّ دور قامت به الكتابة الإبداعية الفلسطينية والعربية في وجه هذا التعتيم؟

**كثيرة هي النتاجات الأدبية والمسرحية التي وضعت على عاتقها مهمة الكشف عن عسف التزوير وسياسته، فكتبت عن القدس بكل ما خزنته الذاكرة في ذاكرتها الحية عن مأساة شعب ووجود، واستنطقت ما سكن بحيوية لافتة تجاوزت فيه هذا التعتيم لتسلّط الضوء على ما خفي منه، وتُجلي ما استتر، لتنطق بما صمت بلغتها وبلاغتها الخاصة، لتكتب عن مأساة فلسطين، وتتابع مستجداتها عبر أجناس أدبية وفنية أفصحت عن التعتيم والتمويه، وغدت ممارسة أدبية لها حضور قوي في الزمن الإبداعي العربي بعد أن تمكّنت من أن تستوعب موضوعها على الرغم من تشابك خيوطه، فشرعت في تفعيل حيوية الإبداع الأدبي بمضامين القدس والمفارقات التي تحكم حقيقة هذه المدينة من هوية الذات وثوابت الشخصية والتاريخ والصراع عليها، لتصبح مقولات هذه الأجناس شاهداً على اللحظة التي تعيش فيها فلسطين بوعي تاريخي يكون متحدّياً ومقاوماً وصارخاً وغاضباً، يقول ما تعاني منه المدينة من حصار وهي تتحوّل وتكابد وتتصدى لكل سياسات المحو والمسخ والتزوير، ونجد أن هذه الأجناس في علاقتها بمدينة القدس تستمد قوتها الدلالية من دلالات المدينة نفسها، وتنظّم أنساقها في بنية المكتوب، لتكسب من النسيج اللغوي صوراً مستمدة من عالم المفارقات التي تُجنّس نوعها الأدبي، وهو النوع الذي لا يقهره التعتيم ولا ينقص من فعالياته ولا يقلّص من امتداداته لأنه إبداع أقوى بوضوحه الإبداعي من قوة الحجب لإخفاء هوية فلسطين.

*ما هو تفسيرك لمحاولات المصادرة المحمومة لكل إبداع حول فلسطين، ولا سيما في المسرح؟

**لأنه إبداع يؤكد بين جنباته وجوانحه ومضامينه ومُتَخيَّله وجود الهوية العربية المتحرّكة في الزمن والمكان، ويقرأ بوضوح إبداعي ما هو موجود بين السطور وما في الواقع من كسور، وقد غدت القضية الفلسطينية وقضية القدس مكوَّنين أساسيين وحيويين في الإبداع المسرحي العربي الحديث داخل ثنائيات متكاملة، طرفها الأول التاريخ الفلسطيني، وطرفها الثاني الإبداع العربي ذاته وهو يسعى إلى شَرعنة وجود هذه القضية في ممارسته الإبداعية الثقافية بفضل كفاءة ووعي المبدع المسرحي العربي الذي يؤكد وجود هذه الحيوية في ممارساته الكتابية بجرأة كلامية تتجاوب مع الانتماء إلى القضية والالتزام بها حتى لا يندرج سكوته أو يُؤول ويُفهم على أن الإبداع المسرحي العربي يرضخ لمخطط التعتيم الذي تمارسه كل سياسة تريد أن تبقى القضية الفلسطينية دون معنى ودون صوت ودون حقيقة.. من هنا انخرط المسرح العربي منذ بداياته المفترضة مع مارون النقاش إلى الآن في بلورة أسباب الضياع وعمل على التفكير بتاريخه وبمتخيله وبواقعه المَعيش والتعبير عنه دراميّاً لمواجهة كل تعتيم يسدّ الأفواه ويواجه كل من يكسر الأقلام، ويُغمض العيون ويسحب الخطو من اتجاهاته الصحيحة حتى لا تتفتح على الدلالات الممكنة المساعدة على التحدث عن الواقع المرير المُهرّب من الإبداع والدخول في دائرة الضوء بمواضيع المسرح الملتزم الذي يريد أن يكون مسرحاً عربياً بموضوعه الفلسطيني وبشكله الفرجوي وبأسئلته الوجودية.

*أفردتَ صفحات في كتابك عن القيمة الرمزية للقدس في المسرح، فماذا يعني حضورها في العديد من النصوص المسرحية العربية؟

**معناه إبداعيّاً مساءلة كل الانتظارات السياسية العربية التي لا تقدر على توضيح مستقبل المدينة في سياق الصراع الجاري بضراوة بين الفلسطينيين أصحاب الحق التاريخي الشرعي في الأرض والوجود ونقيضهم الذي يعمل على تحقيق مشروع استيطاني صهيوني يستبق كل حلّ للقضية، ليفرض الحل الذي يناسبه، ويفرض ما يريد أن يكون، لذلك وجدتُ أن العديد من النصوص المسرحية التي تناولت هذه القضية اشتغلت على الوعي الجمعي داخل مأساة مدينة القدس ولم تتعامل إلا مع الوجدان العربي العام والقيم الأخلاقية والجمالية، فكانت تُوسّع من دائرة الموقع الهامشي للقضية التي يريدها التعتيم أن تبقى في الهامش وترفع من مستواها الحُضوري في مركز هذه الكتابة، وعندما تنتقل مدينة القدس في العديد من النصوص المسرحية من معناها كما ورد في التاريخ ويتم توظيف رموزها درامياً كما أراد الكاتب وتقديمها كإشكال للصراع فإنها لا تعود تلك المدينة ذات التاريخ والمعاني الاجتماعية والمعمارية والجمالية فقط بل تصبح في الإبداع المسرحي تجميعاً رمزياً لكل هذه المعطيات وتقديمها في تراجيديا تحمل معاني سياسية وأخلاقية وأسطورية يدعو فيها المسرحيون العرب إلى وحدة حقيقية للمدينة بدل الوحدة المزيّفة والتقسيم المفروض، لذلك فإن الحديث عن حقيقة القضية الفلسطينية ومدينة القدس وعن سياقاتهما الإقليمية والدولية كشرط إبداعي غدا يتحكم بوجود المسرح العربي وهو يشتغل على حقيقة هذه القضية ويعمل على إبراز موقفه منها وهو يدافع عن هوية الإنسان والمكان ويدعو إلى السلام الذي لا يُفرّط في الأرض والحقيقة والثوابت القائمة على الحق الفلسطيني في فلسطين كحتمية إبداعية في الإبداع المسرحي الذي وقف ضد من يريد أن يبقى الإبداع دون وظيفة في حياة المجتمعات والشعوب والأمم، فتشبعت مضامين المسرح بحرارة ووحدة القضية للتخفيف من وطأة التعتيم والحدّ من رواج كل إبداع لأن موضوعه هو فلسطين ومدينة القدس والاحتلال وإجهاض كل رواج يعيش بأنفاس القضية ويرى نبضها إلى الحياة ويعمل على سدّ المسامات التي يتنفس منها الإبداع حتى يختنق مع صرخته الأولى، لتُجهض الفكرة قبل أن تتشكّل، وتُمنع من الوصول إلى المتلقي المفترض في العالم.

*ما أبرز ما جاء به النص المسرحي العربي حول القدس؟

**جلُّ النصوص التي قمتُ بتحليلها في تناول قضية القدس تُقدّم حقيقة كل الديانات السماوية كرسائل مقدسة التقت في مدينة القدس، وكانت تُنجز عروضها مراهنة على الفرجة الشاملة، ليبقى العرض المسرحي احتفالاً غير مفصول عن جوهره الفلسطيني بجعل النص يُمثّل الكينونة العربية التي تختصر لغة المأساة الفلسطينية وهي تُعانق القسوة التي تواجهها فلسطين، كما كانت النصوص تعمل على إيقاظ الذات وهي تستنبط عمقها من المرجعية الفلسطينية لتُقدّم زمانها الفلسطيني في مسرح زاخر بالحياة، راصداً أدقّ تفاصيل الواقع الفلسطيني المتخم بالرماد والرصاص، كاشفاً عن قدرة رائعة في سرد الوقائع والأحداث الأليمة ضمن فضاء فلسطيني للفرجة بأزياء شعائرية وإنسان أصبح يبحث في ذاته عن ذاته في فرجة غير مستلبة فيها، وهي المعطيات والقيم الإنسانية التي لا يقدر التعتيم المشبع بمشاعر الكراهية على تحقيق مشروعه العنصري بعد أن صار المسرح العربي يخاطب العالم بموضوعه حول القدس، ساعياً إلى إبلاغ الواقع وإيصال حقيقته إلى من يريد أن يعرف من يزوّر التاريخ والأديان السماوية.

*وكيف وجدتَ الاختلافات التي أسست لخصوصية كل نص مسرحي حول القدس ومرجعيات الكتابة فيها؟

**هناك خاصية الإيحاء الذي يُقابله الخطاب المباشر الذي تنطق به بعض النصوص شحذاً للهمم ورفعاً للروح المعنوية وتكراراً للدعوة إلى الجهاد، وهناك المبالغة في تناول الموضوع تناولاً عاطفياً تغلب عليه فورة الحماس والتحريض والمبالغة والاستعانة بلغة وكلام المؤرخين والشعراء والروائيين، وهناك الكتابة الشعرية ومسرحة العديد من النصوص الروائية الفلسطينية والأضمومات الشعرية للشعراء الفلسطينيين، إلى جانب تقديم وإعادة تقديم مسرحيات عربية حول القدس وفلسطين بمواد تاريخية تعيد الحياة لرموز ظلَّت ماثلة في أفق الكتابة الدرامية عن القدس.. أما مرجعيات الكتابة حول القدس وموضوع فلسطين فقد قُدّمت نصوص مسرحية اشتغلت في فَضاءين مختلفين يتوحّدان معاً في السياق العربي وانتمائهما إلى الزمن العربي، منها النصوص التي كُتبت في العديد من الدول العربية، فوضعت القضية في سياقاتها العامة العربية، وكانت ساخرة ومدافعة ومتحمسة واتخذت من النقد وسيلة لإبلاغ رسالتها السياسية، ومنها نصوص كُتبت في فلسطين المحاصَرة على مستوى جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والثقافية برؤية تراجيدية محكومة بسياقاتها المغلقة، وكانت ذات معانٍ تغوص في عمقٍ لا يعرف الكلام السطحي ولا يعرف إلا الصبر والمقاومة، فجاءت هذه الكتابات شعراً في العديد من النصوص المسرحية، وجاءت نثراً في العديد من أشكال الفرجة التي تنطق فيها جمالية الحكواتي بذاكرة فلسطين وتحكي عن مدارات الزمن وإكراهات المَعيش تحت الاحتلال، ونجد في هذه الكتابات الشهداء وهم يستنطقون الأحياء حول حال القدس ومصيرها ومستقبلها، ونجد شعوراً بالذنب يُحرّك الضمير العربي الذي تخلّى عن دوره في الحفاظ على القدس وضياع فلسطين، وذلك من بعض الفِرَق التي تمارس المسرح بهذه الخلفيات تحت الاحتلال، وبعضها الآخر يجد صعوبات جمّة في مواصلة عمله الفني، في حين غامرت بعض الفِرَق في تحدي الظروف العصيبة لتوكيد حضور الذات المبدعة الفلسطينية المحكومة بكوابيس المخططات الإسرائيلية.

*ما هو أول ما استرعى انتباهك في العروض المسرحية ذات الصلة بفلسطين ومدينة القدس التي تسنى لك مشاهدتها؟

**أول ما استرعى انتباهي أنها عروض منتجة للفكر وللمواقف وللجمال والخطابات الإنسانية الشمولية التي هي ليست بعيدة عن المعترك السياسي الذي تعيشه، كما حضرت فيها تيمة الضياع المتعلق بضياع الأرض والإنسان والذاكرة، ولكن مع استحالة التنازل عن المقدسات ومواجهة القهر السياسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وشجب بناء الجدار العنصري وتمجيد المقاومة لاستعادة ما ضاع من خلال كاتب مسرحي عربي عمَّق فهمه لما يجري من أمور وأحداث، وفكّك المعطيات التاريخية بحثاً عن شكل تعبيري يلائم طبيعة الظرفية ومتطلباتها والتحولات التي يعيش تناقضها بتناقضات القضية الفلسطينية ذاتها بكل إصرار وفهم وقدرة على تجاوز فعل التعتيم الإعلامي المفروض على حضور فلسطين في الإبداع المسرحي العربي.

*ولماذا أكدتَ في الكتاب على دور الرموز في الإبداع بكل أنواعه، ومنه المسرح؟

**لأن الرموز كانت ولا تزال هي المشدّ الذي يوثّق الصلة بين الصاحي والغافي، بين السالي والمتذكر، ولخلق صحوة إبداعية تاريخية واحدة تعي أسباب الضياع والتعتيم وتبحث عن إمكانات استرجاع ما سُلب من حقوق، وكان هناك وجود لافت للقدس وللرموز التاريخية الوازنة التي لها رمزية خاصة في التراث السردي التاريخي العربي، ولها رمزيتها البطولية في العمل العسكري والسياسي، أهمها شخصية صلاح الدين الأيوبي الذي ارتبط اسمه بالتحرير كما ارتبطت به القدس زمن تحدي الغزو الصليبي، وهو رمز لم يفقد قيمته الرمزية منذ بداية المسرح العربي في العديد من العروض المسرحية كبطل مثالي ينتمي إلى التاريخ الإسلامي الذي مضى لتحميس المتلقي، لكن مستويات تشكيل حضور هذا البطل في الأحداث والحوارات والصراع كثيراً ما كان يختلف من تجربة إلى أخرى، ومن أسلوب إلى آخر، لكن ثابت وجوهر البطل بمعناه ودلالاته هو البطولة وتحرير مدينة القدس، وكان هذا التوظيف يستجيب لطبيعة كل مرحلة ويراعي كل سياق عربي، متوخّياً من وراء تفعيل إحضار هذا البطل معرفة القيمة الرمزية والدلالية لوجوده في الماضي خدمة للحاضر، فيترك العرض الوقائع تتكلم وتحتفل بالانتصار في حطين ليرى فيما بعد رد فعل المتلقي من خلال الموقف الذي سيتخذه من المحتل، وإضافة إلى هذه الشخصية وجدتُ العديد من النصوص تعود إلى رمز المرابي في مسرحية “تاجر البندقية” لويليام شكسبير الذي فضح شرَهَ اليهودي في الربح، كما وجدتُ العديد من العروض المسرحية تعود إلى التاريخ الكنعاني والوثائق القديمة والمعاصرة والشعر وثورة الزنج والكتب المقدسة ورمز الفدائي والمقاتل وأطفال الحجارة والتعايش بين الأديان، دون أن تنسى أن تاريخ القدس يجب أن يظل حاضراً في كل العروض لتوكيد مكانتها وموقعها في سياق المعنى، وما استقدام هذه الرموز من أزمنة مختلفة في النصوص إلا استثماراً لقوتها الدلالية في النص المسرحي بعد إعادة صوغها بما يناسب الظروف والضرورات التاريخية التي تحفّز الإبداع في تأدية مهامه التوعوية بقضية القدس.

عبد الرحمن بن زيدان

ناقد مسرحي وأكاديمي مغربي، يُعتبر من أعلام المنظّرين في قضايا المسرح العربي، حاصل على دكتوراه في موضوع إشكالية المنهج في النقد المسرحي العربي، شارك كرئيس وعضو في لجان التحكيم في أكثر من مهرجان مسرحي عربي، في رصيده ما يزيد عن ثلاثين كتاباً في المسرح والفنون التشكيلية والتراجم والأعلام والمذكرات، كما ألّف ونشر أكثر من سبع مسرحيات تجريبية تحت عنوان “ديوان الأيقونات في فرجة المقامات”.. أُنجز حول تجربته النقدية والإبداعية العديد من الأطروحات العلمية في جامعات الدول العربية.


من مؤلفاته:
*المختصر المفيد في المسرح العربي الجديد، المسرح المغربي، الهيئة العربية للمسرح، الأمانة العامة، الشارقة دولة الإمارات العربية.
*قضايا التنظير في المسرح العربي من البداية إلى الامتداد، اتحاد الكتّاب العرب، دمشق.
*إشكالية المنهج في النقد المسرحي العربي، المجلس الأعلى للثقافة، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
*خطاب التجريب في المسرح العربي، المغرب.
*معنى الرؤية في المسرح العربي، المغرب.
*زنوبيا في موكب العتيق، سلسلة نصوص مسرحية.

15 مايو 2025 - 13:46

المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب، التجربة الرائدة لمسرح مستقبلي

12 مايو 2025 - 18:29

جمعية إقلاع تخلد الذكرى الفضية لمهرجان بني عمار بلقاء مفتوح مع الدكتور حسن بلغازي

12 مايو 2025 - 13:04

التراند ميلاد اقتصادي وتطور تواصلي رصدي إعلامي

12 مايو 2025 - 08:16

المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة في دورته ال 25 يحتفي بالذكرى التأسيس 48

أضف تعليقك