ثقافة

ورقة نقدية للناقد ذ. محمد علوط في حفل تقديم كتاب ” شاعر لا يهادن ” لمحمد اللغافي

aue.tanich 9 مايو 2025 - 18:46

قدمت هذه الورقة في لقاء أقيم بالمكتبة الوسائطية، لمسجد الحسن الثاني الدار البيضاء، زوال يوم السبت 19 أبريل 2025، حيث تم الاحتفاء بالتجربة الإبداعية للشاعر محمد اللغافي، حضرتها وجوه لها مكانتها الإبداعية، قدمت في حق المبدع محمد اللغافي شهادات صادقة.

الناقد محمد علوط

ورقة ذ.محمد علوط: يكتب محمد اللغافي القصيدة بالارتكاز إلى [شعرية النص المنفتح على البدائل المتعددة] برؤية لا تكف تختبر (سؤال الكتابة) بوعي قلق يتعدد في مرايا المجاز وأصوات الكينونات النومادية المترحلة.
باختياره “شعرية الهامش” وجد كامل حريته لصوغ هوية شعرية ٩خبوهيمية لا تخضع بالولاء لأي تصنيف مفهومي، أو خندقة، أو تمترس أنماطي يقص أجنحة القصيدة ويقفص مخيالها، أو يضيق أفق انتظارها، أو يصيب بالجفاف أراضيها الخصبة التي يسمدها الشاعر بالطاقات التخييلية المنفتحة على محاورة مختلف التجارب الشعرية المؤثثة لمشهد الشعر المغربي من عتبة السبعينات إلى شرفة الألفية الثالثة.
يتسع أفق القصيدة لديه ليحتضن في آن واحد [نشيد الاغتراب الوجودي] الذي يجعل من القصيدة منفى الشاعر، غلى جانب [واقعية شعرية] يقوض فيها الحلم مدن الإسمنت والعزلة، مدن الزحام والضياع، مدن الفقر وأرصفة الحزن، مستندا إلى لغة بالغية تتجمهر فيها [صور الرفض، والنفي] معبرة عن هيأة واقع يسوده التشظي ويفتقد التجوهر والاكتمال:
[في المدن السريعة
الأيام مزيفة
أنا والسيجارة
أكثر نحافة من ريح الصباح
وقهوة المساء
الشاعر
يبكي ويضحك
في نفس القصيدة
يمرر
سخريته المالحة
“تهدمين ما بداخلي من معابد”
وأنا
أشيد فيك معبدي
أقتفي
أثرا
ترك وشمه على جسد مضرج
في دمه
مسيج بك أنا
وبخطيئة آدم
لكي يستأنف الحزن
ما بدأه الناي الظامئ
لابتسامة الوهم. ] (ص 377-378)
يسربل الشاعر القصيدة ب[رمزية الأنثى] ، المرأة البدء والتأسيس، وما بين ضحك وبكاء وخاب وإعمار وحصار وحرية تتشاكل صور الرفض جاعلة من الواقع مشهدا وجوديا لاغتراب الذات في مدن زائفة، مدن الحزن والعطش والوهم.
ترتسم ال[الواقعية الشعرية] لدى محمد اللغافي في جنوحه الدائم إلى الاعتناء ب (شعرية التفاصيل) و(شعرية اليومي). تتوغل القصيدة في الحياة المعاشة جاعلة من [تقنية المشهد] سندل لصوغ لوحات شعرية مشهدية يتآلف فيها [المنحى الغنائي والمنحى السردي] كما في المشهد التالي:
[ها…
أيام العيد
عبثا
تشربني أرصفتها
مقاهيها
أندية الأنترنيت
الفراغ الكبير
الكبير
النشاز
الوحدة نفسها التي
أنهكت
أتعس الشعراء.] (ص 239)
في هذه التوأمة الأسلوبية بين الجملة الغنائية المحمولة على صوت الذات / الأنا الشعري والجملة السردية ذات القصدية التصويرية يتشكل المشهد الشعري باعتماد [بلاغة تشخيصية رمزية]: (تشربني أرصفتها) – (الفراغ الكبير النشاز) – (أندية الأنترنييت والوحدة التي تنهك كامل القصيدة).
تأخذ هذه الواقعية الشعرية تمشهدا مرئيا من اقتناص العين ما يلبث أن يتمفصل ب [تداعيات الحواس] (السمع، والشم، والذوق واللمس) خالقا مناخا شعوريا نفسيا تعبر الذات من خلاله عن قلق الوعي واغتراب الأنا الفردي/الجماعي في تناقضات عالم مفارق، كما في الصوغ الشعري التالي:
سأصغي مرة أخرى
إلى الصوت
القادم مع
المطر والريح
ومواء القطط وتصفيق القرميد
وموسيقى صاخبة
وقليل من النبيذ
وعواء الكلاب الجامحة
وأشطر في الرثاء
كل الذين مروا من أمامي
وكانوا حزانى
كنت الوحيد
أمارس ضحكة حمقاء
(…)
أنا…
وهي نمشي
هي في شارع عمومي
وأنا في رصيف غمامة
بيننا صليل
وصهيل
وصوت قطار يسابق الريح
قرب عقارب ساعة
يضاجعها الكرى] (ص 254-257)
لا يثقل الشاعر كاهل المعنى باجتلاب الرمزيات الأساطيرية أو استحضارات النصوص الغائبة من مختلف سجلات التخييل الشعري والذاكرة الرمزية، هو في الغالب يعتمد اشتقاق بلاغة المعنى الشعري من:
(أ) – ترميز المكان (المدينة)
(ب) – ترميز الأنثى كذات مؤمثلة
يختار الشاعر [المكان / الهامش] الذي تصير فيه المدينة معدلا رمزيا للمنفى وهو مكان مفارق مسكون الوعي واللاوعي برمزيات [ المشهد البدئي للخطيئة الأصلية]. وهذه الصورة الرمزية هي ما يصوغ في القصيدة [بنية السلب]، يقابلها على مستوى الطباق الدلالي [بنية الإثبات] تنعكس في مرايا الترميز الأنثوي المؤمثل للمرأة [مانحة الوجود الحلم والحياة الحقيقية] المتحررة من ثقل اليأس والفقدان ووجع السلب والانتفاء في واقع يفتقد القيمة والمثال.
يشترك الشاعر في هذا النسق البلاغي الرمزي مع تجربة الشعر الحديث بشكل عام كما قام بتوصيفها بشكل نقدي نموذجي إحسان عباس في كتابه “اتجاهات الشعر العربي المعاصر”. لكن محمد اللغافي من داخل هذه القواسم المشتركة يحتفظ بخصوصية صوته الفردي/الإبداعي دون أن يغترب في هويات شعرية أخرى.
على مستوى الكتابة الشعرية دائما، يمكننا أن نميز في هذه التجربة بين تفاعل مدونتين شعريتين:
الأولى سنسميها [المدونة الورقية] والثانية [المدونة الرقمية]. الأولى ترتبط بزمن النشر الورقي والصفحات والملاحق الثقافية، والثانية ترتبط بالانتقال إلى النشر الالكتروني بمختلف روابطه. وفي هذا العبور من سند تواصلي ورقي إلى سند تواصلي رقمي سنلاحظ انتقالا ظاهرا ملموسا من [بنية القصيدة-النهر] إلى [بنية النص الشعري الشذري].
بتغير هذين الحاملين انفتحت كتابته الشعرية على [جماليات التشذير] حيث تقلصت مساحة الغنائية لصالح كثافة الصورة التجريدية. هكذا بدأت البلاغة الرمزية التشخيصية تجد لها مساكن في [النسق الشعري التأملي] من خلال كتابة الشذرة بمعادلات بنائية تنهض على المقابلة، والمساواة، وتقنيات التقديم والتأخير، والفصل، والوصف، والإيجاز والحذف أصبح النسق البديعي يزاحم النسق البياني في صنعة التشبيه والاستعارة كما في الأمثلة التالية:

الشاعر محمد اللغافي

للحياة أقنعة متعددة
الموت وحده
له وجه واحد] (ص 386)
ما أشد العتمة
لولا الضوء
ما اشد الضوء
على العتمة
ما اشد العماء
على كليهما (ص 386)
المقبرة
أسماء تطفو على السطح
تبحث عن
مواليد جدد (ص 386)

15 مايو 2025 - 13:46

المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب، التجربة الرائدة لمسرح مستقبلي

12 مايو 2025 - 18:29

جمعية إقلاع تخلد الذكرى الفضية لمهرجان بني عمار بلقاء مفتوح مع الدكتور حسن بلغازي

12 مايو 2025 - 13:04

التراند ميلاد اقتصادي وتطور تواصلي رصدي إعلامي

12 مايو 2025 - 08:16

المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة في دورته ال 25 يحتفي بالذكرى التأسيس 48

أضف تعليقك