ثقافة

مقاهي عمّان تاريخ الأردن وتحولاته السياسية والاجتماعية والثقافية

aue.tanich 9 مايو 2025 - 22:12

يبرز المقهى كمكان ذو حميمية خاصة والهام استثنائي في حياة المبدعين وفي شتى ميادين الابداع ويرتبط ذلك بمدى أهمية ذلك المكان ودوره الاجتماعي وما يتيح من حرية نسبية للمثقف تتيح له التفاعل مع محيطه وتأمل واقعه الاجتماعي، فقد كتب نجيب محفوظ أهم رواياته بمقهى الفيشاوي الشهير بالقاهرة وعرض أبو خليل القباني مسرحياته الأولى بمقاهي دمشق القديمة كذلك الأمر مع معظم المثقفين والمبدعين في حواضر الثقافة العربية كحلب و بغداد وبيروت ومراكش والرباط وغيرها من المدن العربية العريقة حيث بدأت المقاهي بالانتشار فيها منذ بدايات القرن التاسع عشر فبرزت وعلى امتداد القرنين الماضيين اسماء شهيرة لمقاهي استقطبت أهم المثقفين والمبدعين العرب وساهمت بشكل او بآخر في شهرتهم وخرّجت أجيالا من المثقفين، استقيت هذه المعلومات من الإعلام الأردني ووما كتب عن تاريخ المقاهي حضورا وحضوة في عمان.


عرفت عمّان ثقافة المقاهي منذ بدايات عشرينيات القرن الماضي لا سيما في منطقة وسط المدينة حيث تكتسب المقهى أهمية خاصة لدى المثقفين الأردنيين وذلك لارتباطه بأحداث سياسية واجتماعية وتحولات كبيرة أثرت على مجرى الحياة بالأردن خلال القرن الماضي مما جعله قبلة للكثير منهم منذ ولادة الدولة الأردنية عام 1921 وحتى بداية التسعينيات حيث شهدت المقاهي الشعبية بعد تلك الحقبه ما يشبه عزوف كثير من المثقفين عن مجالسها ولأسباب عديدة.
انطلقت عمان كمدينة من المنطقة المعروفة حاليا بوسط البلد وسقف السيل والتي استوطنتها عائلات شركسية ودمشقية منذ نهايات القرن التاسع عشر وعند اتخاذها كعاصمة عام 1921 ظهرت العديد من المقاهي التي أصبحت خلال فترة وجيزة ملتقى المثقفين والسياسيين الأردنين وأهمها مقهى “حمدان” الذي يرتبط بالذاكرة الوطنية للأردنيين بشكل خاص حيث شهد أول مؤتمر وطني أردني عام ضم العديد من السياسيين وممثلي الأحزاب الوطنية وذلك سنة1928وأهم رواده في تلك الفترة شاعر الأردن مصطفى وهبي التل المعروف ب “عرار” وفي بداية الخمسينيات أصبح اسمه مقهى الجامعة العربية حتى تم هدمه قبل عشر سنوات تقريبا مما أثار سخط واحتجاج جميع المثقفين الأردنيين الذين ذهبت احتجاجاتهم واعتصاماتهم أدراج الرياح.


كذلك برزت في بداية العشرينيات مقاهي عديدة بعضها لازال موجودا مثل مقهى “بلاط الرشيد” العائد الى عام 1924 وغيرها من المقاهي التي تم هدمها وفي مرحلة الثلاثينيات والأربعينيات ظهر كذلك مقاهي أخرى ارتبط ظهورها بتوسع المجتمع العماني وتطوره مثل مقهى «الأردن و “السنترال” « والذي لازال ورغم هدم جزء منه ملتقى للعديد من المثقفين الاردنيين والعرب المقيمين في عمان و “كوكب الشرق” و”الأوبرج” وغيرها، وفي بداية التسعينيات شهد مقهى “عمون” حضور يومي لأبرز الروائيين والمثقفين الأردنين وعلى رأسهم الراحل مؤنس الرزاز وآخرين.
بعد فتور العلاقة بين المثقفين والمقاهي سعى البعض لتأسيس مقاهي ذات طابع ثقافي تقام فيها أمسيات شعرية وموسيقية ومعارض للفن التشكيلي مثل مقهى “الدويندي” بجبل عمان ومقهى “محترف رمال” و”فن وشاي” بجبل اللويبدة و مقهى “جفرا” بوسط البلد والذي شهد منذ افتتاحه حضور يومي لمثقفين وكتاب أردنيين بكافة التخصصات ويضم مكتبة حيث يقول مديره عزيز المشايخ الذي اقتبسنا كلامه من أحدى الدوريات الأردنية “انطلقنا في تأسيس ذلك المقهى من ضرورة إعادة إحياء منطقة وسط البلد ثقافيا وإعادة الحميمية للعلاقة بين المثقف والمقهى وذلك بعد اطلاعنا على تجارب مماثلة في المغرب العربي ومصر وسوريا ولبنان حيث يتم إعادة إحياء الاأنية القديمة بتحويلها الى مقاهي ثقافية تؤرخ لسيرة المدن وتجمع المثقفين فيها وتؤسس لحراك ثقافي وفكري”. واكد المشايخ ان “مقهى جفرا الذي استوحى اسمه من التراث العربي الفلسطيني يرتاده سواح أجانب ويطلعون على الفعاليات الثقافية والفنية التي تقام فيه باستمرار.


يسميه المثقفون الأردنيون “رفيق المقاهي” إنه الشاعر والكاتب الصحفي الأردني رسمي أبو علي والذي عاش في بيروت فترة طويلة من حياته وأسس فيها مجلة الرصيف وكان له ذكريات حميمة مع مقاهيهها ولدى عودته الى عمان واظب كذلك على ارتياد المقاهي الشعبية رغم تأكيده على أنه يجلس فيها كأي مواطن عادي وليس كمثقف أو فنان ويبرر ذلك بالقول: في الواقع هنالك العديد من المقاهي العريقة بوسط عمان مثل السنترال والأوبرج وغيرها إلا أنها ومنذ بداية الثمانينيات باتت تفتقد للحضور اليومي للمثقفين والتجمع فيها وهذا يعود بالأساس الى تطورات العصر وانشغال الكثير منهم بمتابعة الفضائيات أو الانترنت أو تفضيله العزلة حيث لم يعد هناك ذلك الحراك السياسي والفكري العاصف الذي شهدناه بالخمسينيات والستينيات.
ويرى أبو علي ان المقهى مجتمع ديمقراطي بامتياز يمنحه الحرية التي يريدها ويتابع “علاقتي حميمة مع المقاهي ولا يهمني أن أجالس المثقفين فيها أو زملائي الكتاب المهم بالنسبة لي أن أمارس حريتي وهوايتي بلعب الورق وطاولة الزهر غير مقيد بما يفرض على الشخص بالأماكن الأخرى كأن أكون أنيق او حليق الذقن وما الى ذلك.

هيئة التحرير

15 مايو 2025 - 13:46

المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب، التجربة الرائدة لمسرح مستقبلي

12 مايو 2025 - 18:29

جمعية إقلاع تخلد الذكرى الفضية لمهرجان بني عمار بلقاء مفتوح مع الدكتور حسن بلغازي

12 مايو 2025 - 13:04

التراند ميلاد اقتصادي وتطور تواصلي رصدي إعلامي

12 مايو 2025 - 08:16

المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة في دورته ال 25 يحتفي بالذكرى التأسيس 48

أضف تعليقك