الحكم على المفكر بوعلام صنصال ب5سنوات سجننا نافدة إبتدائيا وإستئنافيا …

هل هي إزدواجية منظمات حقوق الإنسان؟أم هل هو صمتٌ مريب وفضيحة أخلاقية؟

 

بوعلام صنصام الكاتب الجزائري الفرنسي الذي شكل إعتقاله سببا في تصاعد التوثر الدبلوماسي بين فرنسا والجزائر دخلت قضيته اليوم مرحلة جديدة بعد تأيد الحكم الصادر في حقه من طرف محكمة الإستئناف ،حيث أصدر مجلس القضاء حكما يقضي بتأيد العقوبة الإبتدائية وغرامة مالية تقدر ب500ألف د/ج،وقد إرتكزت المحكمة في حكمها على أن بوعلام صنصال متابع بتهم ثقيلة مثل المساس بوحدة الوطن ، إهانية هيئة النظامية ،الإضرار بالإقتصاد الوطني ،حيازة منشورات وفيديوهات تهدد الأمن الوطني،و بحسب تقارير جزائرية فإن صنصال قد أنكر كل التهم الموجهة إليه وأكد أن تصريحاته هي فقط وجهات نظر شخصية لا تمس سيادة الدولة أو حتا مؤسساتها ،وكانت النيابة العامة قد طلبت الأسبوع الماضي برفع عقوبة صنصال من 5 سنوات إلى 10سنوات سجننا نافدة فيه حقه لكن محكمة الإستئناف قررت تثبيت الحكم الإبتدائي وهو 5سنوات .

فبعد صدور هذا الحكم خرج رئيس الوزراء الفرنسي فرونسوا بايرون وعلق على الحكم قائلا :إن الوضع الذي يعيشه بوعلام صنصال وضع يجده الشعب الفرنسي والحكومة الفرنسية بحق لايطاق ،والأن وبعد صدور الحكم يمكننا أن نتوقع إتخاد إجراءات رأفة لاسيما تلك التي تراعي صحة مواطننا لاشك في ذلك ،وأعلم أن جميع السلطات التنفيذية من رئيس الجمهورية إلى الحكومة تعمل في هذا الإتجاه حتى تنتصر الإنسانية في قضية لإتطاق على حد تعبير رئيس الوزراء الفرنسي بالنسبة للشعب الفرنسي .

في مشهد يعكس إزدواجية المعايير والإنتقائية الفاضحة في التعامل مع قضايا حرية التعبير، حُكم على المفكر والكاتب الجزائري بوعلام صنصال بالسجن بسبب آرائه الفكرية والتاريخية، دون أن نسمع همساً من المنظمات الدولية التي لطالما نصّبت نفسها حَكماً أخلاقياً على الأنظمة والشعوب. هيومن رايتس ووتش، منظمة العفو الدولية، صحافيون بلا حدود، وغيرها من الهيئات التي تتدخل في كل تفصيل داخل بعض الدول، لم تُحرّك ساكناً أمام ما يمكن وصفه بجريمة فكرية واضحة المعالم.

فبوعلام صنصال، مفكر وكاتب جزائري مرموق، عُرف بكتاباته النقدية للواقع العربي والسياسات الرسمية، وبقراءته الجريئة للتاريخ والهوية والدين والدولة. لم يدعُ إلى عنف، لم يحرض على كراهية، لم يرتكب أي جريمة جنائية. جريمته الوحيدة كانت التعبير عن رأيه بحرية وجرأة، في بلد يدّعي الانفتاح بينما يكمم الأفواه.

واللافت في قضية صنصال هو غياب أي موقف واضح من كبريات المنظمات الحقوقية الدولية، التي تعوّدت مهاجمة دول بعينها كلما عبر ناشط أو كاتب عن موقف شخصي أو توبع في قضايا حق عام لا تتعلق بالصحافة، لكن اليوم الكل صامت، كأن الأمر لا يعنيهم.

فهاته المنظمات أصبحت تختار ضحاياها بعناية. إن كان الكاتب أو الصحافي يقيم في دولة تُعتبر غير مطيعة سياسياً للغرب، تنهال عليه بيانات التضامن. أما إن تعلق الأمر بدولة تُغضّ عنها الأنظمة الغربية الطرف، فإن صوت هذه المنظمات يخفت حتى الاختفاء.

لذا لم تعد هذه المنظمات مستقلة كما تدعي، بل باتت أذرعاً ناعمة تُستخدم للضغط السياسي، لا لنصرة القضايا الحقوقية الحقيقية. فبوعلام صنصال لم يكن منخرطاً في الأجندات الغربية. لم يكن صنيعة دوائر الضغط، لذلك لم يجد من يدافع عنه حين سُحق صوته تحت عباءة “القانون”.

ما يُثير السخرية أن بوعلام صنصال نفسه، لطالما اعتُبر من الأصوات التنويرية في العالم العربي، وسبق أن شارك في ندوات ولقاءات دولية تتحدث عن حرية الفكر والتعبير. والآن، حين صار هو الضحية، تخلّى عنه الجميع.

هذه قضية يجب أن لا تمر مرور الكرام. إنها ليست فقط قضية صنصال، بل قضية كل حر يرفض أن يُحاسب على أفكاره. والصمت هنا ليس حياداً، بل تواطؤٌ فاضح يجب رفضه.

 

ياسين بودبزة

تابعنا على Google news
شاهد أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie اوافق لمزيد من المعلومات، يرجى قراءة سياسة الخصوصية

سياسة الخصوصية