الإعلام والكتاب والثقافة سيرة تواصل

لنتفق سلفا وعبر مدخل هذا المقال أن الإعلام والكتاب يعدان مصدرين من مصادر الخبر، أو قل حاملين للخبر، وكأنهما امتداد لبعضهما البعض. في بحتي عن هذه الخاصية والعلاقة بين الإعلام والكتاب وجدت أن لهما جذور تعود إلى مراحل قديمة في التاريخ البشري، لأن الخبر بحد ذاته قديم في حدوثه ويعود إلى عصور غابرة من عمر البشرية، قبل اكتشاف الكتابة، تخبرنا الأنثروبولوجية التاريخية أن الإعلام أقدم من الثقافة وأقدم لغة وأقدم من الكتاب، وحينما كان اللقاء عبر الزمن كان الائتلاف والاختلاف والتكامل والتأثير والتأثر، غالبا لأن حاجة الإنسان القديم للإعلام كانت أكثر إلحاحا وأكثر التصاقا بضرورات البقاء من الثقافة، فإذا اعتبرنا أن الحاجة هي التي تؤدي إلى ولادة الظواهر الإنسانية ثقافية كانت أو غير ثقافية وتحدد عمرها وتطورها وحتى استمراريتها، فإن حاجة الإنسان القديم للإعلام كانت لها الأولوية، فالأصوات والإشارات التي كان يصدرها الإنسان القديم هي خبر وإعلام بدائي أملته الحاجة وضرورة البقاء؛ إذ بذلك الإعلام ينذر الإنسان القديم أفراد أسرته بالخطر.
كما هي الحاجة للغة إعلاما وخبرا وتواصلا، إلى أن جاءت الحاجة إلى تدوين الخبر، والدليل أن الأحداث والمحطات التاريخية كانت تسمى بالأخبار، في العصور الوسطى يبرز الخبر من خلال رواة القصص، فاللغة وإن جاءت في مرحلة متأخرة من وجود الإنسان على كوكب الأرض، فقد بدأت كنوع من التواصل بين البشر منذ حوالي 200 إلى 300 ألف سنة تقريباً، ومن بعدها بدأ الإنسان في ترجمة هذه اللغات إلى كتابات ورسومات،  التي كان يرسمها الإنسان على جدران الكهوف، باحت تلك الكتابات بقصص وأخبار العصور الحجرية القديمة، بفضل توثيق الإنسان الحجري لذلك، ومع تطور الحضارات كان تطور التدوين الذي قدم خدمات للبشرية.


إذن العلاقة بين الثقافة والإعلام والكتاب علاقة موغلة في القدم، ولكنها لم تكن واضحة أو متبلورة في الماضي، فقد كانت المادة الإعلامية شديدة التداخل والالتصاق، ممتزجة بنسيجها التعبيري واللغوي كما المادة الخبرية، وتجدر الإشارة إلى تطور المادة الثقافية والإعلامية تبعا لتطور الحياة البشرية، قد أدى إلى وجود نوع من التمايز أو التباين بين وسائل الثقافة ووسائل الإعلام، وأصبح للكتابة والإعلام تمثلات أخرى وتوثيق وتدوين آخر، ساهمت فيه مرحلة ظهور  المطبعة ثم الإذاعة والكاميرا، وأصبح التدوين الحديث بصريا وسمعيا.
ولهذا التطور محطات بدء من صدور أول صحيفة بعد اختراع الطباعة في القرن الخامس عشر وبداية استقلال المادة الإعلامية، الأمر الذي ساهم في بداية عصر الثورة الإعلامية، مع ظهور وكالات التلغراف الإخبارية في القرن 19، وصولا إلى المدونات والبودكاست في القرن 21، وفيما بعد ظهور الانترنيت والبريد الإلكتروني وباقي الوسائط الإلكترونية وغيرها، وصولا إلى التحولات السريعة للإعلام المتطور في كل لحظة وحين، مع مرحلة النهضة الحضارية في زمن الذكاء الاصطناعي للإذاعات ووكالات الأنباء ومحطات البث التلفزيوني.
ما إن استقلت وسائل الإعلام وتنوعت حتى طغت وبدأت باحتلال مواقع الثقافة، وغدت من أهم وسائلها ومن أقدرها على نشرها وإيصالها، بل أصبحت القناة الثقافية الرئيسية التي توصل إلى الناس بسرعة ويسر مختلف أنواع وألوان النتاج الإنساني في جميع ميادين المعارف والفنون والآداب، وهكذا انتقلت أو تطورت علاقة الثقافة بالإعلام من مرحلة الاشتراك بوسائل واحدة في الماضي البعيد، هي الوسائل الثقافية، إلى مرحلة تمايز الوسائل أو استقلالها، ثم العودة مؤخرا إلى وسائل مشتركة إن لم نقل واحدة، ولكن رغم ما تعرضت له هذه العلاقة من تلون وتعرج، إلا أنها بقيت مستمرة، وتتطور من الداخل.


 يمكن للتطور العميق الحاصل في قطاع الإعلام أن يكون عضُداً في حمل رسالة الثقافة، كحاجة حضارية وإنسانية تؤكد أن العلاقة بين الاعلام والكتاب والثقافة يواكب التحولات التكنولوجية الهائلة؛ لذا انخرطنا في هذه النهضة مع ما5 تيفي الثقافية، ونعلن عن انخراطنا، بإعداد ملفات ثقافية، ومن ضمنها ملف هذا اليوم بمناسبة اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف 23 أبريل 2025، بإدارة الصحفية المهنية السورية، من دمشق تحديدا، أمينة عباس، أعددنا للملف 15 مادة إعلامية، 13 مادة من أجناس صحفية متنوعة، ومادتين عبر الفيديو، واحدة عنوانها تحايا كتاب، والأخرى لحظة مع كتاب، افتتاحية الملف اسندت للشاعر السوري الدكتور نزار بريك هنيدي،  ساهم في تقديم تحايا كتاب مبدعون وناشرون، من سلطنة عمان، المغرب، سوريا، مصر ، فلسطين، تونس والسعودية، كما شارك في إعداد المواد، طلبتي في محترف الممارسة والمعرفة الصحفية، بكلية الآداب بنمسيك الدار البيضاء، المغرب، وضمنهم طلبة في هيئة التحرير،  سكرتيرة التحرير بكفاءة مهنية سهام ماهر، يكفينا إنجازا أننا نعد جيلا إعلاميا قريب من أسئلة الثقافة ستكون له كلمته.

انطلق البث على رأس كل ساعة حسب التوقيت المغربي من الساعة 8 صباحا، وامتد إلى الآن 10 ليلا، تقابلها الساعة 12 ليلا حسب التوقيت السوري.
خلاصة الملف، ونسبة المتابعة، وما توصلنا به من تنويه وإشادة من داخل المغرب وخارجه، أكبر دليل أننا نسير بخطى ثابتة توشي أن الإعلام والثقافة يواصلان سيرة نضال وتفاعل..

أحمد طنيش

تابعنا على Google news
شاهد أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie اوافق لمزيد من المعلومات، يرجى قراءة سياسة الخصوصية

سياسة الخصوصية