تعرض الفنانون المغاربة خاصة الشباب منهم في السنوات القليلة الأخيرة إلى مشكل كبير يتعلق بالتعامل مع مكاتب حقوق المؤلفين حيث واجهوا عدة صعوبات أثرت سلبا على عملهم وحقوقهم المالية فما هي المشاكل التي واجهها الفنانون الشباب المغاربة؟ ما هي الحقوق التي يضمنها مكتب المؤلف؟ وماهي الحلول المقترحة لعلاج المشاكل التي يواجهها هذا الميدان؟
المكتب المغربي لحقوق المؤلفين جهاز وضعته الدولة لتدبير ورعاية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في المغرب، عهد إليه المشرع بموجب الفصل 60 من القانون رقم 2.00 المؤرخ في 15 فبراير 2000 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم 34.05 المؤرخ في 14 فبراير 2006، بمهمة حماية وإستغلال حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وقد أحدث بمقتضى مرسوم رقم 2.64.406 المؤرخ في 5 ذي القعدة 1384 موافق 8 مارس 1965 بعد موافقة الغرفة الدستورية للمجلس الأعلى بتاريخ 27 فبراير 1965، و هو يوجد تحت وصاية وزارة الاتصال، و يتولى القيام وحده باستخلاص وتوزيع مختلف حقوق المؤلفين الموجودة حالا و استقبالا، كما يدبر داخل تراب المملكة المغربية شؤون مصالح مختلف الشركات الأجنبية للمؤلفين في نطاق الإتفاقيات حسب ما جاء في الموقع الرسمي لمكتب حقوق المؤلف.
أثار موضوع مشكل الفنانين المغاربة مع مكتب حقوق المؤلف في الأشهر القليلة الأخيرة ضجة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد رفع مجموعة من الفنانين المغاربة دعوى قضائية ضد نجمي الراب طه فحصي الشهير بلقب “إلكراندي طوطو” عبد الصمد لمريق الشهير بلقب “سمال ايكس” والفنان المؤلف والمنتج يوسف الكاملي بتهمة “التشهير” عقب ظهور الثلاثة في بث مباشر على تطبيق “انستغرام” كشفوا من خلاله عن أسماء الفنانين والمؤلفين الأوائل في لائحة النجوم الأعلى أجرا عند مكتب المؤلف المغربي.
وفي إتصال هاتفي لموقع “ما5تيفي” مع يوسف الكاميلي حاول تقريبنا من الصورة حيث صرح أنه أنشأ شركته الخاصة ليتيح الفرصة للفنانين المغاربة الحق في نشر أغانيهم عبر جميع المنصات الموسيقية العالمية الشيء الذي جعله يبحث سنة 2015 عن الإحصائيات التي يتكفل بها مكتب حقوق المؤلف لضمان حق كل فنان عن أعماله إلا أنه لم يستطع الولوج إلى الموقع الرسمي للمكتب.
وأضاف الكاميلي أنه بعد لجوئه للمكتب المذكور وجد فوضى عارمة في المنهجية التي يتبعها المسيرون الشيء الذي جعله يقترح نظاما شاملا لتسيير مهامه بطريقة منتظمة ليتم الموافقة عليه في فبراير 2018 حيث خول النظام للمؤلفين التصريح بأعمالهم وجعل المهتمين بالميدان يقومون بحملات تحسيسية للتعريف بالمكتب ودوره في ضمان حقوق المؤلف.
الشيء الذي جعل المداخيل ترتفع ومعها يتم إقالة المدير العام للمكتب سنة 2019 بعد أن رفض طلب قدماء المكتب في توزيع الأرباح بالنظام القديم معتمدا على الإحصائيات الحديثة ليتعين مكانه المدير العام الحالي للمسرح الوطني محمد الخامس رغم أنه كانت هناك مشاكل بين المكتب والمسرح بعد رفض إدارة هذا الأخير دفع مستحقات حقوق المؤلف حسب ما صرح به يوسف الكاميلي: “كيفاش نتا مؤسسة داعياك وغادي تولي مدير ديالها؟”.
وصرح المؤلف المغربي أنه تم ثبوت تهمة “القرصنة” في حق مكتب حقوق المؤلف حيث وقع تحايل من طرف المديرة الحالية للمكتب على إحدى الشركات لإمتلاك نسخة من النظام الرقمي لمالكه يوسف الكاملي بعد رفعه دعوة قضائية شملت عدة واضيع ليفوز بالقضية أمام المحكمة الإبتدائية ويستلم مستحقات فواتيره التي تقدر بـ3 مليون درهم.
وختم يوسف الكاملي الحوار مصرحا باسم زملائه من الفنانين: “حنا بغينا صناعة ثقافية حقيقية ما بغيناش الفنان يكون مدلول فهاد البلاد.. المؤسسات كتدفع الأموال الطائلة باش نحسنو الأوضاع الاجتماعية ديال الفنان لكن ميزاجية بعض الأشخاص ضيعات كلشي.. كيفما قال جلالة الملك محمد السادس نصره الله أصحاب المصالح الشخصية يجب محاربتهم”.
وفي هذا الإطار صادقت الحكومة في الأشهر القليلة الأخيرة على القانون رقم 25.19 الذي طرحه وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد والذي يأتي في إطار تنفيذ التوجيهات الملكية في ما يتعلق بتثمين الثقافة والفن، باعتبارهما من الدعامات الأساسية للتنمية الإقتصادية والإجتماعية، إضافة إلى الإسهام في النهوض بأوضاع المبدعين المادية والمعنوية، خاصة وأن المغرب صادق على مجموعة من الإتفاقيات والمعاهدات الدولية بصفته عضوا في المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
في الختام يبقى السؤال مطروحا إلى متى ستبقى حقوق الفنانين مهضومة في المغرب؟ إلى متى سيستمر المسؤولون في إستغلال مناصبهم لمصالحهم الشخصية؟ هل القانون رقم 25.19 سيضمن حقوق المؤلفين المغاربة؟ هل من الممكن أن نرى الشباب راضين عن الوضع الفني بالمغرب؟ هل سيقدم مكتب المؤلف على خطوة في حق المؤلفين المغاربة الذين تم دفن أسمائهم وهم أحياء يرزقون؟
