القضية الأمازيغية : بين تحقيق المطالب والبطء في تنفيذها

إن ماضي القضية الأمازيغية ومستقبلها لطالما عرف بتاريخ عريق يسوده النضال الجاد والعمل الكد بغية تحقيق الكثير من المطالب و المتمنيات، و اليوم أصبح مرهونًا بمدى قدرته على الاستجابة للتحديات الراهنة بمختلف أشكالها، ولذلك أصبحت هذه الأخيرة تشكل تهديدًا صريحًا لبقاء ونمو الهوية الأمازيغية وضمان سيرورتها و بقائها  لسنوات وعقود أخرى، لهذا الغرض سارعت المملكة المغربية بحذو خطوات من شأنها الإصلاح والحفاظ على هذه الثقافة الضاربة في القدم.

 

ما ضاع حق وراءه مطالب :

 

طالبت الحركة الأمازيغية والجمعيات الحقوقية، أكثر من مرة برفع مطلب إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية، بالتزامن مع سريان دستور سنة 2011 الذي جعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية  تترجم مكنونات الشعب المغربي المتنوع إلى جانب اللغة العربية، غير أنّ تلك المطالب الملحة ظلت عالقة وتعود أسباب ذلك إلى ما تعتبره الحركة الأمازيغية غياباً للإرادة السياسية في كل ما يخصّ التفاعل  الإيجابي مع هذا المطلب وإنصاف الشعب الأمازيغي و قضاياه بشكل عام.

 

يعود اعتراف المملكة المغربية باللغة الأمازيغية إلى  خطاب أجدير الملكي سنة 2001، قبل أن يتم  الاعتراف الدستوري بها كلغةً رسميةً سنة 2011، في حين صدر القانون التنظيمي المتعلق بمراحل تفعيلها في مجالات الحياة المختلفة في عام 2019.

 

ولكن التفعيل الحقيقي جاء بعدما أمر ملك البلاد محمد السادس إقرار رأس السنة الأمازيغية، عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية، مصدر توجيهاته إلى رئيس الحكومة المغربية قصد “اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي السامي”، وفق ما جاء في نص الديوان الملكي.

 

تطور ملحوظ لكن بوثيرة بطيئة :

 

عرفت القضية الأمازيغية منذ دستور 2011 تطورات ذات بعد إصلاحي، خاصة في ظل دعاة القضية الأمازيغية إلى رفع الحيف والظلم الذي يخيم حول ثقافتهم، وهو ما تأتى بفضل عدد من القرارات والإجراءات الموازية  لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، من قبيل إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالعاصمة المغربية الرباط في  17 أكتوبر سنة 2001 ،بحيث يلتزم المعهد بإبداء الرأي للملك في التدابير التي من شأنها الحفاظ على اللغة والثقافة الأمازيغيتين والنهوض بهما في جميع صورهما وتجلياتهما وإقرار تدريس الأمازيغية في المدارس الحكومية.

 

غير أن نشطاء القضية بالرغم من كل هذه الإصلاحات اعتبروا أن ذلك ليس كافيا ويحتاج مزيدا من القرارات التي تدفع بالقضية قدما. 

 

الناشط في القضية الأمازيغية محمد أوجامع أكد أن هذه الإجراءات المتخذة من طرف الدولة بالفعل هي تدخل في إطار الإصلاح الجوهري للثقافة و التراث الأمازيغي بشكل عام، غيرأنه كان من الممكن أن تأخذ منحنى أفضل في ظل الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد نصره الله، لكن الفاعلين في مختلف القطاعات المختلفة تتقاعس في تأدية أدوارها بالشكل المطلوب.

 

وقال أوجامع إن الشاشة المغربية فيما يخص الأفلام والمسلسلات لا تحظى بنفس الدعم المادي مقارنة بأفلام الدراما والكوميديا باللغة الدراجة ، أما على المستوى الثقافي فيلزم على وزارة الثقافة أن تبذل جهدا مضاعفا لتشجيع الأعمال الأدبية الأمازيغية خصوصا مع تواجد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

 

وأضاف الناشط الأمازيغي ” ينبغي لكل الفاعلين بمختلف القطاعات أن يكثفوا جهودهم لرسم مستقبل فاصل وحاسم في ملف القضية الأمازيغية، والحمد لله قرار إقرار السنة الأمازيغية من طرف المؤسسة الملكية جاء في وقت كنا نعيش حالة من اليأس والغموض”، مطالبا في الوقت ذاته بتسريع وثيرة العمل باللغة الأمازيغية في جميع المرافق والإدارات العمومية ومؤسسات التعليم خصوصا في ظل المنافسة الشديدة وغير المتكافئة من اللغة الفرنسية” على حد قوله.

 

يوسف بوخاتم

تابعنا على Google news
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ما 5 تيفي نود أن نعرض لك إشعارات بأهم الأخبار والتحديثات!
Dismiss
Allow Notifications