وداعا ريان.. هذه قصة “طفل البئر” كاملة، (فيديو)

وداعا ريان

 

“فرحة مؤقتة ثم حزن حقيقي”، هكذا يمكننا أن نصف اللحظات الأخيرة من عملية الإنقاذ التي كللت بإخراج الطفل ريان من النفق.

 

“هتافات، تكبيرات وتصفيقات”، اعتقدنا أن ريان نجا من مأساة دامت خمسة أيام إلا أن “بلاغ الديوان الملكي” صدم الجميع بعد ثواني فقط من نقله بسيارة الإسعاف بخبر وفاته.

 

بغيابات جب بإقليم شفشاون، انطلقت حكاية الطفل ريان البالغ من العمر خمس سنوات.

 

فعلى غرار أقرانه، ريان طفل حركي يحب اللعب إلا أن شقاوته قادته هذه المرة إلى حادث مروع تحول إلى قضية رأي عام.

 

قبل صلاة ظهر يوم الثلاثاء، كان ريان كعادته يلعب بالكرة بجانب والده الذي كان مشغولا بمحاولة إصلاح بئر أو “ثقب مائي”، هذا الأخير يصل طوله إلى 60 متر لكن مع توالي السنين تم الهدم التلقائي لجزء كبير منه حيث تبقا منه فقط 32 مترا. وحسب أقوال والد ريان، هذا البئر ليس به ماء.

 

بعد قيام والد ريان ببضع أشغال منزلية، قرر بمجرد سماع أذان الظهر، أن يتوضأ لأداء فريضة الصلاة. لكن بمجرد رجوعه اكتشف رفقة زوجته غياب ابنه ريان عن المكان الذي تركه به.

 

انطلقت عملية البحث والتنقيب عن ريان عقب اكتشاف اختفائه مباشرة، حيث تأرجحت الفرضيات مابين تعرضه للإختطاف أو ضياعه بإحدى أركان القرية.

 

بعد بحث طويل واستفسار جميع سكان” الدوار”، قررت أسرة ريان الإلتجاء إلى موقع البئر حيث كان يلعب قبل اختفائه. فوجدته دون غطاء وآثار قدم صغيرة بجواره.

 

وبإستخدام كاميرا هاتف محمول تم إنزاله إلى قعر البئر تبين أن ريان متواجد داخله.

 

فسارعت أسرة ريان فورا إلى إخبار السلطات المحلية من أجل التدخل بسرعة لإنقاذه.

 

“مرحلة الإنقاذ”، أي المرحلة الحاسمة اتسمت ب”الترقب، الخوف، الإصرار وجرعات كثيرة من الأمل”، إذ حاولت السلطات المحلية إيجاد حلول سريعة كالسماح لمتطوعين بالنزول بالبئر من أجل انتشال الطفل ريان بيد أن جميع المحاولات باءت بالفشل.

 

وبحضور حشد كبير من المواطنين، شرعت عملية جدية ومنظمة، محكمة باستراتيجية خاصة لإنقاذ الطفل ريان. ذلك باستخدام ست جرافات بعملية الحفر وكذا تتبع وضعه من خلال كاميرا مربوطة بحبل، في حين تم إمداده بالأوكسيجين بحبل آخر.

 

تواصلت الجهود بحذر ودقة شديدة لإخراج الطفل ريان، سالما غانما لأسرته التي عاشت كابوسا فظيعا غطته مختلف المنابر الإعلامية المغربية والعربية.

 

شهدت “مرحلة الإنقاذ” عراقيل عديدة، “نوعية التربة الصعبة، الضغط الزمني وفوضى المتفرجين”، إلا أن المجهودات لم تتوقف قط.

 

“صغيري ريان”، بهذه الأثناء، كان في انتظار الفرج. فكيف كان يمضي يا ترى الأربع ليالي تلك بذلك البئر المظلم؟ لاشك أنه اشتاق لسماع عتاب أمه، ويا ترى هل أحس بحب المغاربة وخوفهم عليه؟ هل علم قبل وفاته، أن العالم بأسره في انتظار خروجه؟

 

رحلت عن عالمنا ريان دون أن تودعنا، تمنينا لو نقلنا خبر انتصارك على ذلك البئر الملعون، لكن كان للقدر يا صغيري رأي آخر.

 

“قضية ريان” أحيت بقلوبنا نور الإنسانية الذي كدنا نفقده وسط مشاغل الحياة وصدماتها المتواصلة، قبل أن يغادرنا أعطانا “طفل البئر” دروسا عديدة لمدة خمسة أيام.

 

علمنا أن نجعل “الإنسانية فوق الجميع”، علمنا أن بداخلنا مشاعر جميلة “كالتآزر، الحب، الحنان، العطف، المودة”، علمنا أن قوتنا باتحادنا وعلمنا أن لا شيء فوق قضاء الله وقدره.

 

 

“مسخيناش بيك” هكذا سننعي ريان الذي تتبعنا قصته منذ أول يوم بحرص وتركيز شديدين لكن رب العباد وخالقنا وخالقك أرادك يا ريان. ونحن مطمئنون عليك الآن، فأنت مع الرحيم الغفور.

 

 

صحيح لم تستطيع أن تخرج من ظلمات الليل إلى نور الحياة لكن أنرت العالم بدروس كتب لنا أن نتعلمها من خيوط قصتك.

 

 

ريان البالغ من العمر خمس سنوات، مكث بالبئر خمسة أيام وتوفي يوم خمسة فبراير 2022. صدفة غريبة لا يعلم سرها إلا خالق الكون.

 

 

وداعا ريان وعسى أن يكون لك من اسمك نصيبا، “فالريان” هو بابٌ في الجنة لا يدخل منه سوى الصائمين، كما قال الرسول الكريم في حديثٍ صحيح له: “إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ”.

 

تابعنا على Google news
شاهد أيضا

أضف تعليقك

ما 5 تيفي نود أن نعرض لك إشعارات بأهم الأخبار والتحديثات!
Dismiss
Allow Notifications