محلل سياسي: “إسبانيا أدركت أخطاءها تجاه المغرب وغيرت مواقفها مقرة بمغربية الصحراء”

بعد اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، أعلنت إسبانيا أمس الجمعة، تغيير موقفها من قضية الصحراء المغربية لصالح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة المغربية، وتعتبر هذا الأخير بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية.

 

 

وتفاعلا مع هذا الموضوع، تواصل “ما 5 تيفي” مع الدكتور أحمد درداري أستاذ التعليم العالي بجامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان ورئيس المركز الدولي لرصد الازمات واستشراف السياسات بخصوص موقف إسبانيا الجديد بقضية الصحراء المغربية، وأفاد قائلا: “إسبانيا تغير مواقفها فجأة، وتقر بمغربية الصحراء وتشيد بجدية مبادرة الحكم الذاتي .. و أن الاعتراف السياسي الإسباني يعني أن المغرب انتصر لكونه صاحب الحق والأرض. وأنه أدار قضيته بديبلوماسية مهنية عالية، وأن الموقف الإسباني جاء متطابق مع الموقف الأمريكي و ما على إسبانيا إلا أن تعد وتحزم ملفاتها الإستراتيجية، و التوجه نحو المملكة المغربية بتنظيم زيارة رسمية لمقابلة سلطات المملكة المغربية، والجلوس على طاولة المفاوضات لترتيب الأوراق مؤسساتنا و سياديا … ودفع رئاسة الاتحاد الأوروبي اليوم التي تمثلها فرنسا إلى حسم مسألة مغربية الصحراء و دون انتظار حكم المحكمة الأوروبية، إن أراد الاتحاد الاوربي أن يحافظ على مصالحه بتطبيق الاتفاق التجاري على كل تراب المغرب كما فعلت إدارة بايدن.”

 

 

وأضاف بذات السياق، “ذلك أن الأفكار المتطرفة تجاه الدول من داخل الأحزاب اليمينية في إسبانيا وبعض الدول الاوروبية مثلا حزب فوكس الاسباني وغيره يجب أن تنتهي و يجب استبدال الأفكار الراديكالية و المتطرفة بأفكار التعاون و تبادل وتوازن المصالح مع الدول و إدارة الأزمات البينية بالحوار و تقدير الربح و الخسارة في العلاقات بين الدول.”

وواصل قائلا: “فهناك أزمات خارجية تصنعها الدول الأوروبية و تعتبر نفسها على صواب و تقدر من تلقاء نفسها الحلول و تكرس العنصرية بسبب اللون والعرق والدين … وهذا يعيق استمرار التعاون شمال جنوب.”

 

وأردف الدكتور أحمد درداري قائلا: “إن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تعتبرها إسبانيا بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف المفتعل حول الصحراء المغربية، وبيدرو سانشيز تيقن ويؤكد على أهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، ويعترف بأن المغرب عضو نشيط في إطار الأمم المتحدة من أجل تسوية ترضي جميع الأطراف. كما أكد على عمق العلاقة وأواصر المحبة والتاريخ والجغرافيا و مصالح البلدين والصداقة المشتركة، وأن الشعبين يجمعهم نفس المصير،
كما أكد على أن ازدهار المغرب مرتبط بازدهار اسبانيا و العكس صحيح.”

 

و”يهدف من وراء تغيير مواقف بلاده إلى بناء علاقة جديدة تقوم على الشفافية والتواصل الدائم والاحترام المتبادل والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين والامتناع عن كل عمل أحادي الجانب و في مستوى أهمية جميع ما تتقاسمه الدولتين … وأن إسبانيا حسب الرسالة ستعمل بكل شفافية المطلقة والواجبة مع صديق كبير و حليف .. كما أقر بان إسبانيا تتوعد باحترام التزاماتها و كلمتها … والتأكيد على العمل من أجل التصدي للتحديات المشتركة خصوصا الهجرة وتدفق المهاجرين في المتوسط والأطلسي بروح التعاون. وكل هذه الخطوات من أجل ضمان الإستقرار و الوحدة الترابية للبلدين .”

 

وأكد الدكتور درداري أن “هذه الرسالة جاءت بعد ما ذهب التحقيق القضائي الإسباني إلى الاقرار بمدبري إدخال زعيم البوليساريو إلى إسبانيا بأوراق مزورة وما تسبب فيه من أزمة ديبلوماسية مع المغرب وقطع للعلاقات بين البلدين. حيث حدد القضاء الإسباني المسؤولين عن ذلك بدءا ببيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الحالي و وزارة الداخلية والخارجية الإسبانيين، حيث ان عملية التزوير ماتزال تلاحق المسؤولين الإسبان، ولا يمكن التستر عليها لأنها جريمة. وحتى استقبال بن بطوش بالقاعدة العسكرية يعني ضلوع الإستخبارية العسكرية في الجريمة أيضا. واليوم القضاء الإسباني يقول كلمته. وتبدو الوضعية الدولية اليوم أنها تركت مشاكل الدول تتحمل فيها المسؤولية بنفسها بدرجة أولى، ثم تأتي الديبلوماسية كمرحلة للتأييد من عدمه على المستوى الدولي ، الشيء الذي أضعف المواقف التي تتماشى مع القطبية الواحدة التي زادت من تعقيد وضعية ومصالح الدول. وعليه يمكن للاتحاد الاوروبي أن يتخلى عن مساندته لإسبانيا، إذا تعارضت مصلحة دول الاتحاد الاوربي مع مصلحة إسبانية.”

 

وأضاف: “المغرب من جهته و على لسان وزير الخارجية ثمن عاليا المواقف الإيجابية، والالتزامات البناءة لإسبانيا، بخصوص قضية الصحراء المغربية. واعتبر الرسالة التي بعث بها رئيس الحكومة الإسباني الى جلالة الملك، جوابا على دعوة جلالة الملك الى تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقة بين البلدين قائمة على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل والوفاء بالإلتزامات. كما أن الرسالة ستتبعها زيارة وزير الشؤون الخارجية والإتحاد الأوروبي والتعاون ، السيد خوسي مانويل الباريز، نهاية شهر مارس. ومن المتوقع زيارة الحكومة الإسبانية إلى المملكة المغربية.”

 

كما ذكر الدكتور أحمد درداري بالسياق نفسه، بالنجاحات التي حققها المغرب بذات الموضوع :

– الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة و المغرب
– النجاح الديبلوماسي و إدارة قضية الوحدة الترابية بحكمة و بمنظور محيطاتي لكل التفاصيل والتعقيدات المرتبطة بالنزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية.. والتمييز بين الدول الفاعلة في النزاع والتي تقف خلف النزاع و تستغل النزاع لصالحها أو تريد استمرار الصراع بين الأطراف.

كما استطاع المغرب التصدي للمحاولات اليائسة والتي تتوخى النيل من النجاحات التي حققها المغرب ميدانيا و ديبلوماسيا، كإدارة قضية الكركارات بمهنية عالية و إعادة المعبر إلى وضعه الطبيعي بعد ما تعرض للعرقلة من طرف عناصر البوليساريو…

ومن جهة أخرى استطاع إقناع عدد من الدول بفتح قنصلياتها بالأقاليم الجنوبية بكل من العيون والداخلة ..
اضافة الى النجاحات الديبلوماسية المغربية على مستوى القارة الإفريقية .. فقد حقق نجاحات كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب و التهديدات الأمنية، وساهم في تثبيت الاستقرار بالمنطقة المغاربية و خصوصا ليبيا.

وعلاقة بقرار الولايات المتحدة الامريكية القاضي بسيادة المغرب على صحرائه، فان إدارة بايدن جددت اعترافها بمغربية الصحراء من خلال توقيع الرئيس بايدن على ميزانية أمريكية تشمل كل أراضي المملكة المغربية بما فيها الأقاليم الجنوبية، و ذلك جاء بعد أسبوع من انعقاد جلسة الحوار الإستراتيجي بين البلدين التي تحكمها علاقة صداقة و تعاون منذ سنة 1787. فالميزانية و توقيع بايدن عليها تبين أن مقترح الحكم الذاتي ثابت لدى الإدارة الأمريكية و هو جواب شافي و كافي على المحاولات اليائسة لخصوم الوحدة الترابية سواء في الولايات المتحدة الأمريكية و غيرها.

 

“وهذا يعكس أيضا الإلتزام الأمريكي بالقرار الأممى 2602. الذي كان قرارا حاسما في مجلس الأمن و قاطعا للطريق على الخصوم و الأعداء …
– و قضية الصحراء المغربية لا يمكن مقاربتها على المستوى الإقليمي لأنها قضية ليست بيد الصغار ، و إنما بيد الدول الكبرى التي حسمت الخلاف و أقرت بخطة إنهاء النزاع و يجب التصدي بالتعاون لاثار النزاع و بعض مظاهره البئيسة كتسليح الأطفال و إنهاء حياة البؤس بالمخيمات و فك الأسرى والمحتجزين من سوء الاستغلال .”

 

وختم كلامه بما يلي: “الجوانب التي يجب على الدبلوماسية المغربية الرسمية والموازية الاشتغال عليها لترصيد المكتسبات تتمثل في تنزيل مبادرة الحكم الذاتي وادارة حوار الأطراف، ووضع خارطة طريق لإنهاء النزاع والوضعية بالتعاون بين المغرب واسبانيا وفرنسا وأمريكا و بحضور عدد من الدول الصديقة ، والزام النظام العسكري الجزائري باحترام حدود الجوار وقبول النتائج دون رفض، وتفكيك الوضعي اللا إنساني بالمخيمات وطرح طرق التخلص التدريجي من المأساة يوازيها التخلص النهائي من السلاح الموجود بحوزة عناصر البوليساريو .. ووضع جدولة زمنية بكيفية نقل الحقوق السياسية والعودة بضمانات يقابلها احترام السيادة الوطنية من طرف العائدين من المخيمات وضمان الاحترام التام للأمن والاستقرار. وفصل الراغبين في العودة والذين يرغبون في البقاء في الجزائر او دولة اخرى … ذلك أن جامعة الدول العربية أكدت رفضها للتدخلات الإيرانية في المنطقة .. وهذا ناتج عن وعي عربي بخطورة التدخلات الإيرانية في مختلف المناطق. ومنها اليمن _العراق _ سوريا _ لبنان _ وأيضا المغرب التي تحاول أن تقدم دعما لعصابة البوليساريو ضد أمن واستقرار المملكة المغربية… وجامعة الدول العربية تكون قد وضعت اصبعها على الخطر لاسيما تدريب عناصر عناصر ارهابية وتسليح الأطفال الذي يعتبر عارا على جبين جميع الشعوب والدول .. فمصير الدول العربية اليوم يرتبط بوحدة القرار والمواقف في مواجهة التدخل في الشؤون الداخلية للدول. ومحاربة التطرف بشتى أنواعه . والتأكيد على أهمية التعاون الأمني العربي لحماية استقرار البلدان العربية وأمن شعوبها من الخطر الايراني وخطر انتشار الأسلحة والجماعات الإرهابية والمتطرفة..”

 

“أما بالنسبة لأفاق عودة العلاقات الإسبانية المغربية إلى جادة الصواب، والخروج من كل مظاهر سوء التقدير للعلاقات يتطلب وضع الأولويات الإستراتيجية وقضايا التعاون بين البلدين والعمل معا لتبادل المصالح بما يعود بالنفع على البلدين، وتنزيل الإعتراف بمغربية الصحراء على الأرض من خلال فتح قنصلية للمملكة الاسبانية بالداخلة و فتح النقاش حول المدنتين السليبتين وكذلك الجزر الجعفرية بكل شجاعة وموضوعية وتقديم الإعتذار عن كل التدخلات التي قامت بها إسبانيا في حق المغرب، والعمل معا لإلحاق فرنسا إلى جانب ألمانيا ليصبح الإتحاد الأوروبي شريك إستراتيجية حقيقي وليس شريك غامض المواقف يبتز متى يشاء ويعطي الأمل من يشاء…..”

تابعنا على Google news
شاهد أيضا

أضف تعليقك

هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie اوافق لمزيد من المعلومات، يرجى قراءة سياسة الخصوصية

سياسة الخصوصية