“الميتافيرس” ما خفي من الخيال كان أعظم

بقلم إيمان الرايس

 

مثلما انقرضت بعض الحيوانات على مر العصور، مثلما شارف زمن القلم والورق على النفور، تقدم الزمن مخلفا تراكم بيانات وعقول أذكياء، لينتجوا لنا أخر صيحات التكنولوجيا، فإذا كنت ترغب أن تغوص سفينتك في بحر التطور، ينبغي عليك إسدال أشرعة الرقمنة والعولمة، وتجدف بتقنيات ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي، لتصدي قسوة الرياح العاتية وتجاوز الأمواج العالية، ولكي تغير مكانك وتبلغ الضفة الأخرى، ما عليك سوى بالمزيد من الإبحار نحو الأمام، هذا أمر لا مفر منه. بعد سفر طويل ورحلة متعبة مكنت العالم أن يحط رحاله في جزيرة “الميتافايرس” الغامضة التي تجمع بين الحقيقة والخيال، هذا المصطلح الذي لا زال يجهله عدد غفير من الأشخاص في مختلف بقاع العالم، غافلين عن مغزى أبعاده ومدى تأثيرها في المستقبل البعيد، سلبا كانت أم إيجابا.

 

وتأكيدا على صحة ما أقول قمت بطرح سؤالي على الرأي العام بغية مشاركة أرائهم عن هذا العالم الإفتراضي، لكن معضمهم لا يعرف ما يسمى بالميتافيرس.

 

رغم أن الإعلان عن المشروع المذكور كان سنة 2021 في شهر أكتوبر، هذا الأخير الذي تتكفل شركة فيسبوك بقيادته.

 

وإذا كنت ممن لا يعرف ما هو الميتافيرس، فسأطلب منك أن تعيرني تلك الأعين التائهة، وتركز في الأتي، “الميتافيرس” هو أحدث إنتاجات التكنولوجيا يقدم لك الواقع بنكهة العالم الإفتراضي، بيئة حقيقية تتيح لك إجراء اتصالات وحضور مناسبات الأصحاب والأحباب، وكذا مباريات كرة القدم، ككأس العالم دون عناء تكاليف الصفر، زيادة على خوض منافسات بينك وبين الطرف الأخر بالإبحار في صور وألوان ورموز ثلاثية الأبعاد تغمرك بإحساس لا يستطيع سوى المستخدم وصف مدى روعته.

 

يمكنك فعل ما تريد أينما تريد، زيارة أي مكان دون أن تبرح مكانك، أي دون الذهاب إليه على أرض الواقع، مثلا يمكنك مقابلة أخيك الذي يعيش في كندا بمطعم ما عبر شخصيات الآفاتار الخاص بكما، لكن لا مجال للخصوصية هنا، إنه أمر مربك صحيح؟ لأغوص أكثر في المفهوم، بمجرد أن تضع نظارات الواقع الافتراضي وترتدي السترات والقفازات المعززة بأجهزة الاستشعار، تستطيع أن تعيش تجربة تكاد تصبح حقيقية، مثلما نشاهد في الأفلام والمسلسلات الخيالية قفزات من أعلى المسافات، وتعايش الإنسان مع الحيوانات بطريقة ودية واللعب معها دون أذية، تلك الدراما و لأكشن يمكنك أن تكون أنت مفتعلها سواء في الألعاب أو غيرها، نعم إنه الميتافيرس.

 

 

بعد أن أصبحنا نذرك شيأ عن هذا الاختراع الضخم، ما رأيك أن نطرح فرضيات؟ مثلا، عندما تمنحك هذه الإمكانيات المتطورة القدرة على إمساك العصا السحرية وتهجر الواقع بقدرات خيالية، ألن ينقلب بعدها السحر على الساحر؟

 

فتجد نفسك سقطت سهوا في مستنقع العجز والإدمان، والاوعي، مانحا سلاح خصوصيتك للعدو، مهددا إياك هذا الأخير باقتحام أسرارك، فلا مكان هناك للاختباء والحفاظ على الجدران المغلقة، تظل الستائر مرفعة والنوافذ مشرعة لتصبح بيانات الأشخاص ملكا للجميع شاؤوا أم أبوا.

 

فهل ستختار حينها الاختباء خلف صور خيالي شاهق كالمتواجد في رواية أرض زيكولا، أم تفضل النزول إلى سرداب فوريك، حلبة الحياة الواقعية، تتخبط بين الجدران والأزقة؟ لكن على أرض حقيقة، هنا كل الاحتمالات واردة.

 

وهناك لكل ذي شخص وجهة نظر، البعض يرى أن العالم يحتاج المزيد من الأدمغة المبتكرة لتكسب البشرية ما أمكن من الوقت، والبعض الآخر يرجح إلى نهاية عالم الهواتف الذكية وهيمنة الأفكار الخيالية، بل القضاء على الحضارة السكنية والعمران البشري، والدخول إلى عالم حافل بالتهديدات والتوجيهات المنحرفة، ضحيتها من الدرجة الأولى الأطفال، هذا ما جعل الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال في بريطانيا تحذر من بعض التطبيقات في عالم ميتافيرس الافتراضي، مشيرة إلى “احتمال تعرض الصغار في هذا العالم لمواد إباحية وعنصرية”.

 

 

 

 

وفي سبيل إمدادك بمزيد من المعلومات، لم أقف هنا مكتفية بهذا فقط، فلمدة يومين وأنا أحاول الاتصال بأمين راغيب لكي ألتمس منه الإجابة على بعض الأسئلة تخص موضوعنا هذا، بصفته خبيرا ومستشارا في التكنولوجيات الحديثة، لكن بعد إجراء أكثر من أربع اتصالات بعضها فصل فيها الخط وما تبقى تلقيت على إثره أعذارا من طرف مساعداته، حيث طلبت إحداهن إرسال معلومات الحوار لتحديد زمن إجرائه، وتم ذلك دون أي رد.

 

 

تابعنا على Google news
شاهد أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ما 5 تيفي نود أن نعرض لك إشعارات بأهم الأخبار والتحديثات!
Dismiss
Allow Notifications