خاص: هل من نهاية لسيناريوهات المنازل الآيلة للسقوط..؟

بقلم إيمان الرايس

 

 أعمدة غبار متصاعدة في الهواء تستصعب من خلالها الرؤية، منازل عديدة بأحياء عتيقة أضحت في خبر كان، تاركة وراءها عائلات مشردة انقطع حبل شملها بعد أن تفتت عش مسكنها، وفي الجوار هناك أطفال يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، أما أركان الشوارع تريك مشهدا قد لا يتكرر كثيرا، إنها أعين رجال غمرتها دموع العجز بعد أن قطع المرض أرجلهم وكبل لأخرين أياديهم فوضع النساء محلهم يتخبطون بين أحيط الجماعات ليتم إسكاتهم بنفس الأعذار ككل يوم، متجاهلين قضية المنازل الآيلة للسقوط.

 

لا أحد سيشعر بمدى بشاعة وقسوة الحياة حين تفقد مأواك الوحيد فتجد نفسك تضع أقمشة مرهفة على أعمدة حديدة كستائر لتجنب نظرات المارة، فيضل أولئك الضحايا يصرخون بحرقة والدموع تتهاطل من أعينهم راجين الفرج من عند الله وحده بعد أن فقدوا الثقة في من يلجئون إلى منازلهم المشيدة على ظهر المواطنين.

 

 

هذه ليست سيناريوهات أفلام وإنما واقع يعيشه الإنسان، إنها معضلة “المنازل الأيلة للسقوط” المسكوت عنها، والتي كنا نأمل في وضع حد لها قبل أن يطل علينا العام الجديد، لكن الظاهر أن الأمطار الأخيرة كانت كفيلة بفتح ثغرة في السماء تسللتها لعنة “الإنهيارات” وبدأت في مطاردة من لا حول له ولا قوة، تستهدف الأضعف كأنها تهاب أولئك الأعيان السلطويون الذين يختبؤون تحت أسرتهم الدافئة في الوقت الذي تنهار فيه منازل أخرى فوق رؤوس أصحابها، مشردة أولادها في سمر البرد القارس وسط ظلام الليل.

 

بدأت الكارثة من حي السمارة التابع لمقاطعة مرس السلطان الذي أودى إنهيار أحد منازله بحياة ثلاثة ضحايا، مرورا بدرب مولاي الشريف في الحي المحمدي الذي أرتعبت ساكنته بعد سقوط منزل من ثلاثة طوابق دون تسجيل خسائر جسدية، وصولا إلى المدينة القديمة وحي درب سلطان، فواجع متتالية جعلت عقول الساكنة تضج بأسئلة صاخبة مفادها من المسؤول؟ هل هو المواطن بداته؟ أم هي الجهات المنتخبة؟ أو ربما الوكالة الحضرية؟ 

 

المنازل التي سقطت مؤخرا في أحياء مختلفة بالدار البيضاء
المنازل التي سقطت مؤخرا في أحياء مختلفة بالدار البيضاء

 

وفي مجرى الموضوع صرح أحد سكان الحي المحمدي لما5تيفي، معتبرا أن “الوكالة الحضرية لها دور كبير في إجراء الخبرة وتوفير السكن المؤقت للمطالبين بالإفراغ وفي نظره أن هذا هو ما لا نراه، محتجا على ملف الدور الآيلة للسقوط الذي يفتح فقط عند حلول فصل الشتاء أو لحظة زهق الأرواح، ليغتنم الفرصة موجها رسالته إلى المعنيين مفادها التحلي بحس المواطنة والإنسانية، ملتمسا من عمدة الدار البيضاء أن تفي بوعودها في النهوض ومعالجة ملفات المنازل المهددة بالإنهيار”.

 

 

وربما هذا ما جعل عمدة المدينة، نبيلة الرميلي، ملزمة على تسريع عملية توصل شركة الدار البيضاء للإسكان والتجهيز بمبلغ 12 مليون درهم لبدأ عملية”هدم المباني الأيلة للسقوط”، أما مصير تلك الأسر التي فقدت منازلها فأصبحت مشردة، لازال مسكوت عنه لحدود اللحظة.

 

في الوقت الذي يصرخ فيه أخرون خلف عدسات الكاميرا، بعد أن استصعب عليهم إخراج متاعهم من أحد المنازل المنهارة بسبب تأخر المسؤولين في علمهم بالإفراغ… وفي ركن حي أخر تتواجد متضررة مقعدة أطفأت الأمطار ضوء قنديلها، فلم تجد سوى الشموع لتنير عتمة ليلها، وهي جالسة وسط منزل مهدد بالإنهيار في أي لحظة، أين هي الجهات…؟ لا ندري!.

 

 

ما جعلني أتسائل مرارا وتكرارا هل سيأتي يوم تنتهي فيه سيناريوهات المنازل الأيلة للسقوط؟ وهل نصوص القانون تنصف كل متضرر من الإفراغ بمنحه حقه في سكن لائق؟ ولماذا لا نرى المعنيين يتواجدون في عين المكان لحظة الإنهيار لمواكبة دعم المتضررين؟، ولحدود الأن لماذا لم يخرج أي مسؤول بتصريح يجيب فيه عن متطلبات السكان؟، إستفسارات كنت أبحث عنها لدى يوسف رخيس، بصفته رئيس جماعة مقاطعة الحي المحمدي، هذا الحي الذي إهتز في الأسابيع القليلة على صوت الإنهيارات، فقمت بإجراء أكثر من أربع اتصالات دون أي رد، ولم أكتفي بذلك فقط حيث بعث لهذا الأخير رسالة صوتية محتواها شرح لموضوعنا هذا وكذا تحديد زمن إجراء الحوار لكن لم أتلقى جوابا واضحا.

 

في الختام، يظل ما ذكر في أسطر هاته الفقرات سوى القليل من صفحات مئات الملفات السوداء المؤلمة التي لم تجد أيادي كفيلة وأمينة تفتحها وتعالجها، لأنهي وأقول ما خفي كان أهول.

تابعنا على Google news
شاهد أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ما 5 تيفي نود أن نعرض لك إشعارات بأهم الأخبار والتحديثات!
Dismiss
Allow Notifications