أسبوع بلا لحم…

أسبوع بلا لحم / لحسن كوجلي / حديث الشارع :

 

نفذ مالي وقل دخلي والاولاد يتضورون جوعا. مسألة اجتماعية عجزت حكومتي على فكها ولا هي راغبة في الرحيل.

 

ذخلت السوق الاسبوعي اليوم الأحد كما هي عادتي ، وفي جيبي ورقة نقدية من فئة مائة درهم، كنت امني نفسي بشراء بعض المواد الأساسية للعائلة التي ألفت شراءها كل نهاية الاسبوع، مبلغ كان في الماضي القريب يوفي بالعرض، كيلوجرام الا ربع من اللحم بثمن 45 درهم والباقي أوزعه بين الخضر وبعض من الفواكه، وقليل من # الحمص الطايب اوهاري والكلية والمعسلة # اضافة إلى درهمين من رؤوس وأرجل الدجاج للكلبة، ودرهمين امدها لحارس الدراجات النارية، وها انا أغادر السوق الى بيتي فرحان.

 

خلافا لهذه القاعدة، دخلت سوق اليوم ضعيف الأمر، امشي منهوك القوى، اوشك من السقوط من شدة الانهيار، لا انظر الى وجوه الناس، احس بالفقر افقدني قيمتي وكرامتي، وجعلني حقيرا امام نفسي، ابحث خفية بين الخضار علي اجد بينهم من يبيع السلع باقل ثمن، لا اسمع سوى 8 دراهم وما فوق. أمضي في زقاق السوق غارسا عيوني في الارض، احاول ان ابدع في الرياضيات و أجد سبيلا لبلوغ اقصى انواع الخضر والفواكه بثمن المائة درهم التي في جيبي.

 

كانت المسألة مستحيلة، خصوصا إذا اضفت الى اللائحة المدونة سلفا، ما يأتيني تلقائيا عبر هاتفي المحمول من رسائل نصية تحمل مواد إضافية” عنداك تنسا الزيت راه بقا غير كاس، والتيد ما بقات تا حاجة، ونسيت الخميرة مكتبتهاش ليك، والى متقيلش عليك السكر جيبو تا هو راه خاص”.

 

ليت الموت اخدني على عين غرة، كيف لي ان اسدد ثمن كل المواد المطلوبة بورقة نقدية لم يعد لها قيمة اليوم.

 

لم أجد من الحلول سوى أن اتقشف، والتقشف ليس بعيب طالما ان حكومتي ماضية في نفس النهج، عوض كيلوكرامين من البطاطا، اخدت واحد نصف لما اهذه المادة من اهتمام اسري، ومن البصل واحد، ومن الطماطم واحد، والجزر واحد ، ومن كل ما الفناه نصف مقدار ما كنت اقتنيه، عدا اللحم، صفر كيلوكرام، شأنه شان السكر والتيد و الزيت.

حاولت املأ الكيس بالبصل الورقي و # القزبور والمعدنوس وكثير من الكلية من الفوق حتى يبدو للناس وگان الكيس ممتلأ .

 

عدت للبيت، وكان اول الغاضبين مني، كلبتي، التي اعتادت عند سماع صوت الدراجة ان تلقاني خارج البيت الرسمي، نظرت الي عساي امدها بشيء، هذه المرة لم افعل، فغادرت، اطفأت محرك الدراجة وتسللت الى داخل البيت، وضعت السلة في زاوية مظلمة من المطبخ، فهرولت الى بيتي، لم يمض من الوقت الكثير، حتى دخلت علي الزوجة والغضب ظاهر في وجهها ” وجدتني ممدا على السرير، وآله الى الراجل ناعس، اش هاد التقضية افلان ؟ تعمدت عدم الرد، لكنها اصرت على معرفة الجواب، قلت ” واش مكتفرجيش في التلفزة، راه كولشي غالي، ردت : غالي ولا مغاليش هذا شغلك، شنو غادي ناكلو هاد سيمانة؟ اجبت، سالي بعدا داكشي لي جبت واحن الله، اجابت، علاه شنو جبتي، اجبت : داكشي لي قسم الله، ردت: وفين اللحم : اجبت : اللحم داير 100 درهم. وكان علي اما نجيب كيلو اللحم ولا الخضرة، ختاريت نجيب الخضرة، قالت وبغيتي ناكلو خضرة بلا اللحم، اجبت : نحاولو ما فيها باس، اللحم كيقول الطبيب كولو امراض، قالت : كتفلا علي انت وداك الطبيب لي قالها هما المراض، قلت : يا سيدتي لا املك لنفسي شيئا، قالت والله منطيب تا حاجة، قلت : سيكون ذلك من دواعي سروري.

 

وهي مستمرة في ” التحياح ” سمعت صوت طفل يصرخ صراخا قويا، خرجت اليه مسرعا وقلبي كاد ان يسقط من صدري خوفا من يمسه مكروه، ما وان وصلت اليه وجدته يصرخ لعدم عثوره على البنان والتفاح في الكيس. حاولت ان اشرح له، لكنه ابى، وكانت ردة فعله ان قدف الكيس برجله كما يفعل بالكرة، وامضى في ملء البيت صراخا من جديد.

 

اهوال جنته علي حكومتي التي اخدت مني صوتي الانتخابي يوم كانت تصنع لي اوضاعا كادبة، وتعدني بحال افضل. حكومتي التي استبشرت بها خيرا، فافسدت علي حالي، حكومتي التي خجلت ان اتمرد عليها فصنعت من صلبي من يتمرد علي، زوجتي واطفالي اليوم في اعتصام مفتوح حتى تحقيق مطلب اللحم والسكر والزيت.

 

مطرود من البيت واعيش في كوخ فوق السطوح الى ان تتدخل حكومتي وتنهي أزمتي مع المضربين…

 

تابعنا على Google news
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ما 5 تيفي نود أن نعرض لك إشعارات بأهم الأخبار والتحديثات!
Dismiss
Allow Notifications