انتقام عن طريق سلطة لا مشروعة … معاناة تلامذة البادية

حنان الزيتوني

 

ليس أحقر من احترام مبني على الخوف، عبارة تضم معنى عميقا استنتجها ألبير كامو ، الفيلسوف العبثي الذي اختزل لنا الكثير في هذه العبارة، فاليوم في مجتمعنا الحالي ونحن نتحدث عن الألفية الثالثة لازالت ظواهر الاحترام الإجباري المبني على خوف رهيب من سلطة ديكتاتورية لا مشروعية لها، تجول في مجتمعنا المغربي.

 

في أنحاء الجبال وفي مرتفعات الأطلس يتم تعيين بعض الأساتذة، بالرغم من أن رغبتهم لم تكن متطابقة مع واقعهم، وهنا نتكلم عن البعض منهم فقط فمن يحملون مشعل التعليم والتربية والممارسة المهنية بشغف يستندون على أخلاق مهنية وإنسانية لا تتطلب مقابل، ولكن نقطة قد تفيض الكأس كأنها أتت في غير محلها.

 

عقد نفسية تجعل من بعض الأساتذة يمارسون انتقاما تجاه تلاميذ القرى بالخصوص، استغلالا لسذاجة الأهل ولبساطة المعرفة، يمررون عنفا وتمييزا بين التلاميذ، يمارسون تلك السلطة اللامشروعة والتي قد نرى أنها تشبه الدولة العنيفة حسب ماكس فيبر في تعريفه للسلطة.

 

ملامح بريئة تضم رشة من الخوف والخجل من الخطأ، ما قد يجعلهم في حلبة ملاكمة سيخرجون منها منهكين وهي حلبة التنمر، الموضوع الذي سيحيلنا إلى سؤال وجيه، كيف لبراءة تلك الوجوه أن تضم حقدا وضغينة بين بعضهم البعض؟ هناك خلل ما؟

 

فعند العودة إلى الأهل والقبيلة نجد أن الايديولوجية قد تكون واحدة، رغم ما تخفيه النفوس إلا أن عبارة “أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب”، تدل على المنطق البدوي الذي يمثل الأغلبية.

 

الإشكالية هنا هي كيف تشكلت تلك المعالم السيئة في نفوس أبرياء ليس لهم عداء مع أحد، قد يتضح أنهم بعيدين عن بعضهم البعض إلا أن الخطر الخارجي يوحدهم، لكن ما دام هناك أستاذ لا يكترث لأهمية منصبه، ومدى نبل مهنته ليمرر العداء بين هذه الوجوه البريئة بتربية وتعليم لا يساهمان إلا في ضخ الكراهية والخوف بين تلك النفوس البريئة.

 

لا يغفر إلا بالمقابل ، يجعل سلطته مصدرا لإصدار الأحكام واستغلال ذلك المنطق البدوي البسيط الذي لا يسعوا من خلاله أناس تلك المناطق إلا لرؤية أبنائهم أحسن منهم منصبا وقيمة, في مجتمع عرف توزيعا غير عادل في ثرواته وتقسيمه، إلا أنهم يمثلون دورا مهما في عدة قطاعات وهذا اعتراف وطني لا نقاش فيه، وهجرتهم إلى المدن لن تزيد إلا الطين بلة، فليست هي الحل.

 

الحل هو النهوض بهذه الفئة، مراقبة مدى إنسانية كل الأساتذة الذين بدورهم يساهمون في رسم طريق أو مسار هؤلاء التلاميذ وضخ جرعة من الأمل في نفوس آبائهم.

 

الحل هو زرع الإنسانية في قلوب الناس فيما بينهم، فلا يجب انتظار الغريب من أجل أن نكون يدا واحدة.

 

إن التنمية والتطور قد يأتي بالود وكسب الاحترام، دون فرض خوف رهيب بسلطة لا تمارس كما يجب، إضافة إلى التخلص من عقد الماضي وآثارها.

 

فلا ذنب للمجتمع وساكنته، إلا أنها معادلة الحياة فمن يبحث عن الخير في الناس سيجده في نفسه أولا ومن لا يبحث إلا عن نقائصهم سيتعثر بعيوبه.

تابعنا على Google news
شاهد أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ما 5 تيفي نود أن نعرض لك إشعارات بأهم الأخبار والتحديثات!
Dismiss
Allow Notifications